رسالة في ابن الغضائري - صفحه 445

[فوائد]

فائدة [ 1 ] : [في مدلول «فاضل»]

يُقال في بعض التراجم : «فاضل» ، كما ذُكر في حقّ إبراهيم بن أحمد بن محمّد الحسيني ۱ وعليّ بن محمّد بن قتيبة ۲ وخيثمة بن عبد الرحمن ۳ وهيثم بن أبي مسروق ، وأبيه ۴ ، والحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ۵ .
وقد يقال : «ما رأيت أفضل منه» كما في ترجمة القاسم بن محمّد بن أبي بكر ۶ .
وقد صرّح العلاّمة في الخلاصة في ترجمة خيثمة : بعدم دلالته على العدالة ۷ .
وعن بعض أهل الدراية ، دلالته على العدالة ۸ .
والحقّ هو القول الأوّل ؛ لعدم استلزام الفضل للعدالة ، ولا غلبةِ العادل في الفاضل ، ولا ظهورِ الفضل في نفسه في العدالة .
لكن يمكن أن يقال : إنّ الأعصار والأمصار مُختلفة في باب الغلبة ؛ إذ في بعض الأعصار يكون غالب الناس من العدول فضلاً عن الفضلاء ، بل الفضل بنفسه ظاهر في العدالة ؛ إذ العلم بالمهالك يقتضي التجنّب عنها ، بل هذا ثمرة الفضل ، كما أنّ ثمرة العقل التجنّب عن المضارّ ، بخلاف المجانين والصبيان .
لكن نقول : إنّه لو اختلفت الأعصار والأمصار في عدالة الفاضل ، فلا جدوى في إفادة ذكر الفضل في الترجمة في إفادة العدالة ، للجهل بحالة العصر والمصر ، كما أنّ الفضل وإن كان بعض أصنافه مُقتضيا للتجنّب عن المهالك ورفض الشهوات ، كعلم الفقه والحديث ، لا مطلقاً ؛ لعدم اقتضاء علم الرمل مثلاً للتجنّب عن المعاصي والشهوات رأسا ، لكن شهوات الإنسان بمكان من الطغيان ، بحيث تجعل الشخص مسلوب الشعور ، كأنّه لا يفقه بقلبه ، ولا يرى بعينه ، ولا يُبصر بسمعه ، فهي تقتضي لارتكاب المعاصي وهي قاهرة في الغالب غايةَ القهر .
بل العلم بنفسه ممّا ۹
يكون مقتضيا للنخوة والكبر وزيادةِ الشأن المقتضيةِ للسعي في الأُمور المناسبة للشأن ، وكذا قوّة الإدراك المُقتضية للسعي في الأُمور المناسبة للنفس ، فاقتضاء التجنّب عن المعاصي والشهوات يضمحلّ ، ولا يترتّب عليه أثر ، كما أنّه لو كان لبعض أصناف الفضل ظهور في التجنّب ، فيظهر بما ذكرنا أنّه بدويّ ، ويرتفع الظهور بملاحظة ما ذكرناه .
وممّا ذكرناه [يظهر] ۱۰ غاية صعوبة العمل على طبق العلم ، أسألك اللّهمّ ربَّنا
التوفيق للعمل على طبق العلم .
وبما تقدّم يظهر الحال فيما يقال : «ما رأيت أفضل منه» ، كما في ترجمة القاسم بن محمّد بن أبي بكر ۱۱ ؛ حيث إنّه حكى ابن حجر نقلاً عن أيّوب أنّه قال : «ما رأيت أفضل منه» ۱۲ .
وكذا فيما يُقال : «عالم» كما في ترجمة معاوية بن حكيم ، أو «فقيه» ؛ كما في بعض التراجم ۱۳ .
لكن ذكر السيّد السند النجفي في المصابيح عند الكلام في توجيه المحتضر إلى القبلة : أنّ الظاهر من التوصيف بالفقاهة ، الدلالة على العدالة ؛ تعليلاً بأنّ الظاهر كون العدالة مأخوذةً في الفقاهة ، كما هو المعهود ۱۴ .
والظاهر أنّ مرجع التعليل إلى ظهور الفقاهة في العدالة ، إلاّ أنّه يظهر المنع عنه بما مرّ من منع ظهور الفضل في العدالة .
ثمّ إنّ الفضل هل يدلّ على المدح ، بعد عدم الدلالة على العدالة أم لا؟
لعلّ الأظهر القول بالأخير ، ويظهر الحال بما تقدّم ، بل يُسمع الكذبُ ممّن لا يجوّز النفس الكذبَ في حقّه من أرباب الفضل .

1.انظر تنقيح المقال ۱ : ۱۳ / ۱۵۵ ؛ معجم رجال الحديث ۱ : ۲۰۲ / ۹۵ ؛ أعيان الشيعة ۲ : ۱۱۰ .

2.خلاصة الأقوال : ۹۴ / ۱۶ ؛ رجال الشيخ : ۴۲۹ / ۲ .

3.خلاصة الأقوال : ۶۶ / ۸ .

4.رجال الكشّي ۲ : ۶۷۰ / ۶۹۶ ؛ خلاصة الأقوال : ۱۷۹ / ۳ .

5.تهذيب التهذيب ۲ : ۵۰۶ / ۲۷۹ ؛ تهذيب الكمال ۶ : ۱۵۲ / ۱۲۳۱ .

6.تهذيب التهذيب ۸ : ۳۳۳ / ۶۰۱ .

7.خلاصة الأقوال : ۶۶ / ۸ .

8.القوانين المحكمة ۱ : ۴۶۹ ؛ اُنظر الرواشح السماويّة : ۶۰ ، الراشحة الثالثة عشر .

9.وفي «ح» : «إنّما» .

10.إضافة يقتضيها السياق .

11.قال في التقريب [ص ۳۰۴] نقلاً : القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصدّيق التيمي ، ثقة ، أحد الفقهاء بالمدينة ، قال أيّوب : ما رأيت أفضل منه (منه عفي عنه) .

12.تهذيب التهذيب ۸ : ۳۳۳ / ۶۰۱ .

13.خلاصة الأقوال : ۱۶۷ / ۳ . وانظر كذلك ص ۱۶۴ / ۱۷۹ .

14.المصابيح (مخطوط) .

صفحه از 466