نعم ، الفرد الظاهر من الخبر هو ما كان عن علم ، كما أنّ الظاهر من صيغ الإخبار ـ أعني الجمل الخبريّة ـ هو كونها عن علم ، إلاّ أ نّه غير داخل في مفرداتها ، ولا وضع لتركيبها .
وأمّا استظهار دخول العلم في مادّة الخبر من أهل البيان فهو مدفوعٌ بأنّ التفتازاني صرَّح في شرح التلخيص بأ نّه ليس المراد بالعلم هو الاعتقاد الجازم المطابق ، بل حصول هذا الحكم في ذهن المتكلِّم وإن كان خبره مظنونا أو مشكوكا أو موهوما أو كذبا محضا ۱ . وهذا ضروريّ لكلّ عاقل تصدّى للإخبار ، وأهل البيت أدرى بما في البيت .
ومقتضى تزييف الاستدلال بآية النبأ ۲ على حجّيّة الإجماع المنقول ـ بعدم صدق النبأ على ما كان مستندا إلى غير الحسّ ـ القولُ بخروج التزكية عن الخبر بواسطة مداخلة الاستناد إلى الحسّ في مدلول الخبر ؛ لكون العدالة من باب غير المحسوس ، لكن حرّرنا في محلّه ضعف القول باختصاص صدق الخبر بما كان مستندا إلى الحسّ .
فقد ظهر أنّ خروج التزكية عن الخبر إمّا بواسطة دخول القول في معنى الخبر ، أو دخول العلم أو الاستناد إلى الحسّ في معناه ، لكنّ القول بدخول العلم أو الاستناد إلى الحسّ مدخولٌ .
ثمّ إنّه بما مرّ عسى أن يظهر ، بل لا خفاءَ في أنّ الكلام في دخول الجرح أو التعديل في الخبر بالمعنى اللغوي ، والشهادة بالمعنى المصطلح .
وأمّا الخبر بالمعنى المصطلح فلا يرتبط بالمقام ، كما أنّ الشهادة بالمعنى اللغوي لا يرتبط بالمقام أيضا .
1.المطوّل : ۴۶ ؛ مختصر المعاني : ۶۷ .
2.الحجرات (۴۹) : ۶ .