شرح حديث "اتّفق الجميع لاتمانع بينهم" - صفحه 188

ولعلّ المنظور في تخصيص المعرفة بمعرفته تعالى، أنّه لمّا كان الكلام في رؤيته تعالى، كان المراد بالمعرفة أيضا معرفته تعالى . وأنت خبير بأنّ هذا ليس بلازم .
(من جهة الرؤية). الظرف متعلّق بالمعرفة .
(ضرورةٌ)؛ مرفوع، أي ضروريّة . والمراد أنّ فاعلها غير قابلها، بناءً على أنّها غير مولدة من الفكر في شيء.
يفهم منه أنّ المعرفة الاكتسابية فاعلها هو قابلها، بناءً على أنّها مولدة من الفكر، كما هو مذهب المعتزلة .
قال بعض من شارحي كتاب التجريد :
اختلف العقلاء في كيفيّة حصول العلوم الكسبية بعد الفكر .
فقالت الأشاعرة: إنّما هو بخلقه تعالى بطريق جرى العادة .
وقالت المعتزلة: إنّما هو يخلق العبد بطريق التوليد، الذي هو إيجاب فعل وأثر لفاعله فعلاً آخر، كحركة اليد الموجبة لأن يصدر عن الفاعل حركة المفتاح .
وقالت الحكماء وكثير من المحقّقين : إنّ فاعل النتيجة وموجدها أمر آخر خارج عن النفس، أي المبدأ الفيّاض والنظر معه لصدورها عنه . واختار المصنّف هذا المذهب .
وأقول : ما يفهم من كلامه ـ طاب ثراه ـ هنا مخالف لما قال في حاشية عدّة الاُصول: «إنّ العلم من مقولة الانفعال لا الفعل، فيستحيل أن يتعلّق به التكليف» .
وفي موضع آخر: «إذ ليس العلم من صفات الأفعال حتّى يتصوّر فيه رضا وسخط ». فتأمّل .
(فإذا جاز أن يرى اللّه بالعين، وقعت المعرفة وقعت المعرفة ضرورة).
يعني لو جاز رؤيته تعالى ووقعت أيضا، لوقعت المعرفة والتصديق به تعالى ضرورية بحدوث المعرفة، لو لم يكن حاصلة قبل الرؤية، وبصيرورتها ضرورية إن كانت حاصلة قبلها بالنظر .
قال الشارح المازندراني رحمه الله : «المناسب «لو» بدل «إذا» إلّا أنّه بنى الكلام على

صفحه از 200