شرح حديث "اتّفق الجميع لاتمانع بينهم" - صفحه 192

إن قلت : ليس العلم من جهة الرؤية شرطا لوجوبها؛ بل الشرط مطلق العلم، سواء كان من جهة الرؤية أو غيرها .
قلت : هذا وارد عليكم أيضا؛ إذ يمكن أن يُقال: شرط الإيمان مطلق المعرفة، سواء كانت من جهة الرؤية أو من جهة الاكتساب ، فما كان جوابكم يكون جوابنا أيضا .
أو لأنّ الضرورة ضدّ الاكتساب بناءً على أنّه لا يمكن أن يكون شيء واحد.
هو فيما نحن فيه حصول التصديق بوجوده جلّ شأنه.
بالنسبة إلى عبد واحد اختياريّا واضطراريّا معا في وقت واحد .
أو بناءً على أنّه لا يمكن أن يكون شيء واحد بالنسبة إلى شخص واحد محتاجا إلى النظر ومستغنيا عنه في وقتٍ واحد .
أو بناءً على أنّه لا يمكن أن يكون شيء واحد بالنسبة إلى شخص واحد ممكن الزوال وممتنع الزوال معا في وقت واحد .
ولايخفى أنّ حصول هذا التصديق كان في دار الدنيا بالاكتساب والاختيار، ولا يزول عن النفس في الآخرة ما كسبته من العلوم الدينيّة في الدنيا. وفي زمان حدوث الرؤية لا يحصل هذا التصديق مرّة اُخرى حصولاً اضطراريّا؛ لامتناع تحصيل الحاصل ، بل يصير ضروريّا بعد ما كان نظريا، فيكون حينئذٍ تصديق واحد نظريّا من جهة احتياجه إلى النظر، ومن جهة حصوله بالنظر، ومن جهة أنّه يمكن زواله بشكّ أو شبهة ، وضروريّا من جهة حصول الرؤية واستغناؤه عن النظر ، ومن جهة امتناع زواله . ولا استحالة فيه؛ لأنّ الضدّين لا يجتمعان من جهة واحدة، ويمكن اجتماعهما من جهتين، كما قالوا في الاُبوّة والبنوّة، فإنّهما يجتمعان في شخص واحد من الجهتين .
ويمكن أن يكون الضمير الأوّل في قوله عليه السلام : «لأنّها ضدّه» راجعا إلى الرؤية ، ويكون المعنى أنّ الرؤية ضدّ الاكتساب، بناءً على أنّ العلم الحاصل من الرؤية علم حضوري ، والحاصل من الاكتساب حصولي ، والمعلوم بالذات في الحضوري هو ذو الصورة، وفي الحصولي هو الصورة وذو الصورة معلوم بالعرض.

صفحه از 200