شرح حديث "اتّفق الجميع لاتمانع بينهم" - صفحه 193

وفيه أنّ الصورة لا تخلو إمّا أن تزول بحضور ذي الصورة أو لا تزول ، فعلى الأوّل لا إجماع، وعلى الثاني يكون الإجماع من جهتين، لا من جهة واحدة .
إذا عرفت أنّ هذه الوجوه مورد للاعتراض وكلام المعصوم يكون صحيحا البتّة بلا شبهة، تيقّن لك أنّ المقصود غير هذه الوجوه .
فاعلم أنّ مقصوده عليه السلام بقوله : «لأنّها ضدّه» كما قيل : أنّ المعرفة الاكتسابية ضدّ الإيمان الذي فرض أنّه هو المعرفة من جهة الرؤية ، بناءً على أنّ المعرفة الاكتسابية تكون مطابقة لما في الكتاب والسنّة، مثل المعرفة بأنّه ليس كمثله شيء، وأنّه لا تدركه الأبصار ولا يحيطون به علما، وأنّه ليس بجسم ولا صورة وليس في حيّز ومكان وجهة .
والمعرفة الحاصلة من الرؤية تكون مخالفة لهما، مثل ما يقوله المشبّهة المجسّمة من أنّه نور لامع كسبيكة بيضاء، طوله سبعة أشبار بشبر نفسه، أو على صورة شابّ أمرد، أو رجل أشمط جالس على العرش، أو راكب على البعير أو على الحمار ورجلاه في نعلين من الذهب، وأمثال ذلك ممّا يقولون؛ تعالى اللّه عمّا يقولون علوّا كبيرا .
وظاهر أنّ هاتين المعرفتين ضدّان لا يجتمعان في محلّ واحد.
(فلا يكون في الدنيا مؤمن)
أصلاً إلى زمان الرؤية من ليلة المعراج، ولا يكون مؤمن سوى الرسول صلى الله عليه و آله بعد ذلك الزمان كما قال:
إلّا مَن رآه في الدُّنيا، وهو نادر جدّا عند القائلين بالرؤية.
(لأنّهم يروا اللّه عزّ ذكره) أي لأنّ جميع المؤمنين لم يروه في الدنيا.
الجميع يدلّ على الجنس مع الجمعية، كما أنّ المفرد يدلّ على الجنس مع الوحدة، وبعد دخول النفي يحتمل أن يكون المراد نفي الجنس أو نفي الجمعية ، كما أنّه في المفرد أيضا يحتمل أن يكون المراد نفي الجنس أو نفي الوحدة .
إذا تمهّد هذا، فاعلم أنّه ـ طاب ثراه ـ أتى بلفظ الجميع تنبيها على أنّ المراد نفي

صفحه از 200