شرح حديث "اتّفق الجميع لاتمانع بينهم" - صفحه 198

وقال صاحب الوافي رحمه الله في معنى هذا الحديث :
إن كان الإيمان عبارة عن المعرفة من جهة الرؤية، فالمعرفة الاكتسابية ليست بإيمان؛ لأنّها ضدّه؛ فانّا قد اكتسبنا علما بأنّ اللّه ليس بجسم ولا صورة ولا محدود ولا محصور في جهة ولا مكان ولا زمان ، وأنّه حاضر عندنا ولا نراه بهذه الأعين مع صحّة أعيننا وجامعيّتها لشرائط الرؤية .
وظاهر أنّ هذا ضدّ لمعرفته من جهة الرؤية بهذه الأعين.
وإن كان الإيمان عبارة عن المعرفة الاكتسابية، فلا يخلو إمّا أن تزول عند رؤيته سبحانه في الآخرة أو لا تزول ، ولايجوز أن لا تزول لأنّها ضدّان فكيف يجتمعان. ولا يجوز أيضا أن تزول؛ لأنّ الفرض أنّ الإيمان عبارة عن هذه المعرفة، وأنّ هذا العلم من جملة أركان الإيمان والاعتقاد الصحيح باللّه جلّ ذكره وأنّه كذلك .
وظاهر أنّ الاعتقاد الصحيح لا يزول في الآخرة ، فمعرفته من جهة الرؤية ليست بصحيحة، فلا يجوز أن يرى اللّه سبحانه بحال . ۱
أقول : يلوح من هذا الكلام أنّه حمل قول الإمام عليه السلام «لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول» على الترديد ، كما أنّ قوله عليه السلام «ثمّ لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان» صريح في الترديد ، إلّا أنّ شقّي الترديد مذكوران ثمّة، وهنا أحد شقّيه مذكور، والآخر محذوف؛ مع دليل بطلانه بقرينة قوله عليه السلام : «لأنّها ضدّه» وتقدير هكذا وإن كانت المعرفة الاكتسابية إيمانا لم تخل هذه المعرفة أن تزول ، والحال أنّها لا تزول في المعاد أو لا تزول، ولابدّ أن تزول لحدوث ضدّها .
ولايخفى أنّه حمل بعيد .
والظاهر أنّ المراد إلزام زوال المعرفة الاكتسابية عند الرؤية بحكم التضادّ، والحال أنّه لا يجوز زوالها في المعاد، كما فهم الشارح المازندراني أيضا حيث قال في شرح قوله عليه السلام : «لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول».
أي لابدّ من أن تزول في المعاد؛ لاستحالة اجتماع المعرفة الضرورية التي من جهة

1.الوافي، ج ۱، ص ۳۸۰ ـ ۳۸۱.

صفحه از 200