شرح حديث «نيّة المؤمن خير من عمله» - صفحه 60

السادس : أنّ المراد أنّ نيّة بعض الأعمال الشاقّة كالحجّ والجهاد خيرٌ من بعض الأعمال الخفيفة ، كتلاوة آية ، والصدقة بدرهم مثلاً .وهذا الوجه مذكور في كلام بعض أصحابنا وفي أربعين شيخنا البهائي قدّس اللّه روحه . ۱ ولا يخفى ضعفه .
السابع : أنّ لفظة «خير» ليست باسم تفضيل ، بل المراد أنّ نيّة المؤمن عمل خير من [جملة] أعماله ، و«من» تبعيضيّة .ونقل هذا عن السيّد المرتضي رضى الله عنه. ۲
وبه يندفع التنافي بين هذا الحديث وبين ما يروى عنه صلى الله عليه و آله من قوله : «أفضل الأعمال أحمزها» . ۳ ويزول الإشكال المشهور في قوله عليه السلام : «نيّة الكافر شرّ من عمله» . فإنّ لفظة «شرّ» كلفظة «خير» في عدم إرادة التفضيل .وأنت خبير بأنّه لايجري في الخبر الذي نقلناه من الكافي ، وينبو عنه الطبع السليم و [ينفر] منه الذوق المستقيم.
الثامن : أنّ المراد بالنيّة تأثّر القلب عند العمل ، وانقياده إلى الطاعة ، وإقباله على الآخرة ، وانصرافه عن الدنيا ، وذلك يشتدّ بشغل الجوارح في الطاعات ، وكفّها عن المعاصي ، فإنّ بين الجوارح والقلب علاقة شديدة يتأثّر كلّ منهما بالآخر ، كما إذا حصل للأعضاء [ألم سرى ]أثره إلى القلب فاضطرب ، وإذا تألّم القلب بخوفٍ مثلاً سرى أثره إلى الجوارح فارتعدت ، فالقلب هو الأمير المتبوع ، والجوارح كالرعايا والأتباع .

1.الأربعون ، ص ۴۵۲ ، ذيل الحديث ۳۷.

2.حكاه عنه العلّامة المجلسي في مرآة العقول ، ج ۸ ، ص ۹۴ ، و هو في غُرَر الفوائد و دُرَر القلائد(أمالى المرتضى) ، ج ۲ ، ص ۲۶۸ ؛ وانظر رسائل الشريف المرتضى(المجموعة الثالثة) ، ص ۲۳۶ ـ ۲۳۸.

3.الحبل المتين ، ص ۴۵ ؛ مفتاح الفلاح ، ص ۴۵ ؛ العقد الحسيني لوالد الشيخ البهائي ، ص ۲۸ ؛ النهاية ، ج ۱ ، ص ۴۴۰ ، (حمز) ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۷ ، ص ۱۹۱.

صفحه از 66