شرح حديث «نيّة المؤمن خير من عمله» - صفحه 63

هذه المشاقّ من مشاقّ العمل كما يشهد به المجاهدون وانّه القلوب» ۱ فلهذا كانت أفضل من العمل وخيرا منه .
وورد في الخبر عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : «تخليصُ النيّةِ من الفساد أَشَدُّ على الناس من طول الجهاد» . رواه الآمدي في كتاب دُرَر الكَلِم وغُرَر الحِكَم في باب التاء المثنّاة من فوق ، ۲ وشيخنا البهائي عطّر اللّه مرقده في حواشي مفتاح الفلاح . ۳ الثالث عشر : ۴ أنّ المستفاد من قوله عليه السلام : «إنّ نيّة المؤمن خيرٌ من عمله» هو تفضيل النيّة على العمل ، لا على مجموع النيّة والعمل ، ومعلوم أنّ العمل المفضّل عليه هو ما قارن النيّة على وجه التقييد والشرطيّة ، لا على وجه الجزئيّة ، فإذا فعل زيدٌ عملاً صالحا بنيّة معتبرة [كان] ثلاثة أشياء : النيّة ، والعمل المقارن لها ، والمجموع ، ولاريب في أفضليّة المجموع عليهما ، وأمّا هما فالنيّة أفضل من العمل ؛ لأنّ لها في نفسها فضلاً ، وباعتبار مُقارنيّتها للعمل فضلاً آخر ؛ بخلاف العمل ، فإنّه ليس له إلّا فضل واحد ، وهو الحاصل له باعتبار مقارنة النيّة ، ولا جرم كانت خيرا منه. وقس عليه الكلام في نيّة الشرّ وعمله .لا يقال : لانسلّم أنّ في نيّة الشرّ شريّة من جهتين ، بل ليس لها إلّا شرّيّة واحدة ، وهي الحاصلة لها باعتبار مقارنتها للفعل .
لأنّا نقول : لا كلام في شرّيّتها بالذات ، فإنّ إرادة القبيح قبيحة كفعله ، كما تقرّر في علم الكلام . ۵ وأمّا رفع المؤاخذة عليها عند تجرّدها عن العمل ، فهو بفضل من اللّه سبحانه ،

1.انظر إحياء علوم الدين ، ج ۳ ، ص ۲ ـ ۴۸ و ص ۲۷۴ ـ ۳۳۶ فمابعد ، و ج ۴ ، ص ۳۶۶.

2.غرر الحكم و درر الكلم ، ص ۳۲۰ ، ح ۷۱ ، و فيه : «أشدّ على العاملين» بدل «أشدّ على الناس».

3.مفتاح الفلاح ، هامش ۱ ، من ص ۳۴ ، و فيه أيضا لَسابقه منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ـ لبنان.

4.انظر الدرّة النجفيّة ، ج ۳ ، ص ۱۱۳.

5.انظر كشف المراد ، ص ۳۰۷ ، المسألة الخامسة ؛ ونهج الحق و كشف الصدق ، ص ۹۵ ، المطلب الخامس.

صفحه از 66