شرح حديث «نيّة المؤمن خير من عمله» - صفحه 64

تفضّل برفع المؤاخذة على الصغائر عند اجتناب الكبائر ، ولذا كان يستحقّ عليهاالعذاب عندنا ، كما نبّه عليه الشيخ في التبيان وغيره ؛ ۱ على أنّ لبعض الأعلام في عدم المؤاخذة على النيّة مطلقا كلاما قد أوردناه في رسالة العدالة وحواشي الأربعين .الرابع عشر : أنّ المقصود تفضيل مجموع النيّات على مجموع الأعمال ، لا تفضيل الماهيّة على الماهيّة ، ولا تفضيل كلّ فردٍ على كلّ فرد .
ولاريب أنّ مجموع النيّات [أفضل] من مجموع الأعمال ؛ لأنّها أكثر منها أضعافا مضاعفة ؛ لسعة دائرتها ، وجواز تجرّدها عن الأعمال ، بخلاف الأعمال المفضّل عليها ، فإنّها لاتتجرّد عن النيّات ، وإلّا لم يتّصف بالخيريّة والفضل .الخامس عشر : أنّ النيّة في نفسها ذات وجوه متكثِّرة ، وشعب متعدّدة ، كالقربة والشكر والحياء ، وقصد الامتثال ، والطمع في الثواب ، والخوف من العقاب وغيرها ، كما فصّله بعض مشايخنا المعاصرين ـ خلّدت أيّام إفاداته ـ في رسالة المتنافسون وتغاير المجاهدون ، ۲ ولا جرم كانت أفضل من العمل ، كما يعرفه من مارَسَ علم القلوب حقّ الممارسة .وهذه الوجوه الستّة ممّا فتح اللّه سبحانه علينا وجعله من قسطنا .
السادس عشر : انّ «خيرا من عمله» ليس خبر المبتدأ الذي هو نيّة المؤمن ، بل مفعول المصدر ، وينبغي نصبه ، ورفعه خطأ ، وتوهّم بنا على جعله خيرا ، وعدم رسم الألف في الكتابة سهوٌ ، والخبر هو الظرف فهو مستقرّ لا لغوٌ .و«خيرٌ» ليس يراد به التفضيل كما ظنّ ، والمعنى أنّ نيّة المؤمن الخير من جملة أعماله ، وكذا الكلام في نيّة الكافر شرّ من عمله .
وهذا الوجه للشيخ الفاضل الشيخ عليّ بن الشيخ محمّد بن الحسن بن الشيخ زين الدين. ۳

1.التبيان ، ج ۳ ، ص ۱۸۳ ؛ وانظر مجمع البيان ، ج ۲ ، ص ۳۸ ـ ۳۹ ، ذيل تفسير الآية ۳۱ من سورة النساء.

2.لم نعثر على هذه الرسالة.

3.الدرّ المنثور من المأثور و غيرالمأثور ، ج ۱ ، ص ۳۵۹.

صفحه از 66