شرح حديث «نيّة المؤمن خير من عمله» - صفحه 66

وكذا إذا كان قلبك عند نيّة الصلاة منهمكا في اُمور الدنيا والتهالك عليها والانبعاث في طلبها ، فلايتيسّر لك توجّه بالكلّية إلى الصلاة ، وتحصيل الميل الصادق إليها ، والإقبال الحقيقي عليها ، بل يكون دخولك فيها دخول متكلِّف لها ، متبرّم بها ، ويكون قولك : اُصلّي قربةً إلى اللّه كقول الشبعان : أشتهي الطعام ، وقول المقارع : أعشق فلانا مثلاً .والحاصل أنّه لا يحصل لك النيّة الكاملة المعتدّ بها في العبادات من دون ذلك الميل والإقبال ، وقمع ما يضادّه من الصوارف والأشغال ، وهو لا يتيسّر إلّا إذا صرفت قلبك عن الاُمور الدنيويّة ، وطهّرت نفسك عن الصفات الذميمة الدنيّة ، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلّيّة .ومن هنا يظهر أنّ النيّة أشقّ من العمل بكثير ، فتكون أفضل منه .
وتبيَّن لك أنّ قوله صلى الله عليه و آله : «أفضل الأعمال أحمزها» غير مناف لقوله صلى الله عليه و آله : «نيّة المؤمن خيرٌ من عمله» . بل هو كالمؤكّد المقرّر له . ۱ وهذا الوجه قريب من الوجه الثاني عشر ، وإن كان بينهما تغاير لايخفى على المتأمِّل .
وليكن هذا آخر ما جرى به القلم ، فنحن نحمد اللّه سبحانه على توفيقه وتسهيل طريقه ، والصلاة على محمّد وآله الطاهرين .

فهرست

1.الأربعون للشيخ البهائي ، ص ۴۵۱ ـ ۴۵۴ ، ذيل الحديث ۳۷.

صفحه از 66