شرح حديث "نية المؤمن خير من عمله" - صفحه 101

المجيب به غيّره بحمله النية على الاعتقاد . والشهيد رحمه الله نقله كما نُقل إليه . ولقد أجاد في ذلك ، لكنه لم يذكر أنه مروي بل قال : إنه قاله بعض العلماء ، فكأنه لم يقف على الرواية ، وكان البهائي رحمه الله أيضا لم يقف عليها ، فلذا أبدل النية بالاعتقاد أو أنه قد نقل إليه كذلك .
ويحتمل بعيدا أن يكون الشهيد قد وقف على الرواية ، ويكون مراده بنسبته إلى بعض العلماء أن بعض العلماء جعل مضمون الرواية جوابا لهذا السؤال ، وهو كماترى ؛ إذ يبعد أن يقف عليها ولا يستند إليها .
ثم ليعلم أن الأحاديث الدالة على أن النية أفضل من العمل متكثرة مستفيضة ، تبلغ حد التواتر ، ذكرنا أكثرها في كتاب الجواهر ، وبعضها بلفظ : النية أفضل من العمل ، وبعضها بلفظ : نية المؤمن خير من عمله ، من دون ذكر «نية الكافر» ، وحديث واحد ذكر فيه : ونية الكافر شر من عمله . المعارضة بحديث النية المجردة إنما يسأل بها عن عجز هذا الحديث ، فلو فرضنا صحة تأويل النية هنا بالاعتقاد لِدفع هذه المعارضة ، لا يصح لنا تأويل كل الأحاديث المتظاهرة المتظافرة المتواترة على أن النية أفضل من العمل ، مع مطابقة دليل العقل لها ، لأجل حديث واحد لا نحتاج في دفع معارضته إلى ذلك ؛ إذ هي مدفوعة بغير ذلك كما سنبيّنه إن شاء اللّه تعالى .
هذا ، ثم لا يخفى ما في قوله رحمه الله : «وعدمه يوجب الخلود في النار» من المسامحة ؛ إذ عدم اعتقاد الحق لا يوجب الخلود في النار ، وإنما يوجبه اعتقاد الباطل ، أعني الكفر أو إنكار الحق ، وكل منهما أخص من العدم ، ولا دلالة للعام على الخاص .
وأما الجواب الثاني فهو رحمه الله قد ردّه بقوله : «وردّ . . .» إلى آخر ما ذكره مع أنه لا يجدي في دفع السؤال .
والجواب الثالث ـ مع نهاية ركاكته وورود ما أوردنا عليه في الجواهر ـ لا طائل تحته ، إذ النيات ـ ولو تكثرت ـ ، لا تكون أحمز من العمل وإن قلّ ، فلا يدفع شيئا من شقوق السؤال كالثاني .

صفحه از 112