شرح حديث "نية المؤمن خير من عمله" - صفحه 102

وأما الرابع : وقد ذكر في الحاشية أنه لأبيه عليه الرحمة ، فمع أنه كالثاني والثالث في أنه لا يدفع شيئا ـ والسائل إنما يسأل عن ذلك ويقول : لِمَ كانت طبيعة النية خيرا من طبيعة العمل والحال أن العمل أحمز ؟ فلابد من بيان هذه الطبيعة حتى تتبين ـ يرد عليه أنه منافٍ لكون نية الكافر شرا من عمله ، حيث ترتب الشر على طبيعة النية ، وكذلك منافٍ لظاهر الحديث الذي نقلناه من الكافي من أن نية الكافر سبب لتخليده في النار ، فما أفسد هذا الوجهُ ۱ أكثر ممّا أصلح ، على أنه ما أصلح شيئا .
والخامس أيضا كما تقدمه ، في عدم دفع السؤال ، مع أن الشهيد ـ عليه الرحمة ـ قد اعترض ما ذيّله البهائي به بقوله : وأيضا فأعمال القلب مستورة . . . إلى آخره ، بقوله : ويرد عليه أن العمل وإن كان معرضا لهما ـ يعني العجب والرياء ـ إلّا أن المراد به الخالي عنهما ، وإلّا لم يقع تفضيل .
والسادس : مع نهاية ركاكته ـ بحيث يمجّه السمع ولا يقبله الطبع ؛ لما فيه من التخصيصات الواهية ـ لا ثمرة له ؛ لأن نية أكبر الأعمال لا يوازي في التعب أصغرها ، على أنه ينبغي أن يكون ۲ نية كل عمل خير من ذلك العمل ، لا من عمل آخر ، وإلّا لم يكن ۳ للحديث ثمرة ولا فائدة ؛ إذ لا شكّ في أن بعض العبادات أفضل من بعض .
والوجه السابع : هو قد ردّه أيضا بقوله : ولا يخفى . . . إلى آخره ، وذلك ظاهر ؛ لأن الحديث الذي هو بصدده هو قوله عليه السلام : والنية أفضل من العمل ، كما نقلناه سابقا ، فلفظ التفضيل فيه صريح لا يقبل التأويل كلفظة «خير» ، على أن لفظة «خير» هنا أيضا صريحة في التفضيل ، والجواب تكلف وتعسّف محض ، ومع ذلك لا يدفع السؤال الثاني من سُؤالي الشهيد ؛ لأن لفظة «شر» وإن كانت حينئذٍ غير تفضيلية لكنها أثبتت أصل الشر ، والسائل يقول : قد روي أن النية المجردة لا شر فيها ، ولا يدفع السؤال بالترديد الذي يقال : إنه هو الإشكال الشديد ، مع ما فيه من التزام كون العمل أفضل من

1.في المخطوطة : «هذه الوجه» .

2.كذا ، والأظهر : تكون .

3.كذا ، والأحسن أن يقال : «لم تكن» .

صفحه از 112