شرح حديث "نية المؤمن خير من عمله" - صفحه 94

خُلّد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا اللّه أبدا ، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبدا ، فبالنية خلد هؤلاء وهؤلاء . ثم تلا قوله تعالى : «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ» 1 قال : على نيته . 2
فهذا الجواب في الحقيقة يؤيّد ما روي أن نية الكافر شرّ من عمله ، ويقوّي ورود السؤال بأن النية المجردة لا عقاب فيها؟ ولا يدفع شيئا من الشقوق الباقية من السؤال ، إلّا بما سنذكره ونقرّره إن شاء اللّه تعالى ، فكيف يستحق أن يسمى جوابا ؟ وجوابٌ لأي سؤال هو ؟
وقس على ذلك باقي الوجوه ؛ فإنه مع ما فيها من التمحّلات التي يمجّها السمع ولا يقبلها الطبع ، لا تدفع السؤال بحذافيره ، ولا تستحق أن يسمّى جميعها جوابا ، فكيف يمكن أن يقال لكل منها : إنه جواب برأسه ! ولو ذكرنا جميع ما فيها مفصلاً لطال الكلام وأدّى إلى الملال ، ولكن ما أظن أن ذلك يخفى على من تأمل أدنى تأمل .
وربما أذكر بعضا من ذلك عند كلامي على ما ساء ذكره من أجوبة شيخنا البهائي عليه الرحمة ، ومن لم يكتف بذلك وأراد التفصيل فعليه بمطالعة كتابنا المسمى بـ الجواهر السليمانية .
ثم أقول : إن كل من أتى من الفضلاء من زمان السيّد قدس سره إلى زمان الشهيد ، ومن زمان الشهيد إلى زمان شيخنا البهائي رحمه الله ونظر في هذا الحديث ، لم يذكر زيادة على ما ذكراه .
وأما شيخنا البهائي ـ عليه الرحمة ـ فإنه قد أسقط ممّا ذكره الشهيد شيئا ، وزاد شيئا آخر ، فننقل 3 كلامه أيضا بعينه ونذكر ما فيه ، ثم نذكر بعد ذلك ما وعدناه ممّا لم يذكره أحد إن شاء اللّه تعالى ، فنقول :

1.الإسراء (۱۷): ۸۴ .

2.الكافي ، ج۲ ، ص۸۵ ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، مطبعة حيدري ، نشر : آخوندي ، الطبعة الرابعة ۱۳۶۵ ق ؛ المحاسن ، ج۲ ، ص۳۳۱ ، تحقيق : السيد جلال الدين الحسيني ، دار الكتب الإسلامية .

3.قد تقرأ في المخطوطة : «فتنقل» ، أو : «فلتنقل» .

صفحه از 112