شرح حديث "نية المؤمن خير من عمله" - صفحه 105

نعم ، ما قرّره الشهيد في الوجه الخامس ، واعترض عليه ولم يرتضه ، وذيّل البهائي وجهه الخامس أيضا به من كون النية لا يدخلها الريا ويدخل العمل ، يمكن تقريره على وجه يندفع به إشكال الترديد ، كما سنقرّره في ما بعد إن شاء اللّه تعالى .ثم ليُعلم أن الوجه التاسع الذي أفاد دفع المعارضة بحديث الأحمزية ، منشأه كلام أميرالمؤمنين وسيد العارفين صلوات اللّه عليه وعلى أولاده الطاهرين ، أعني : قوله عليه السلام : تصفية العمل أشد من العمل ، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد۱ ، وغير ذلك من الأحاديث التي نقلناها في الجواهر .وهل مأخذ كلام الغزالي ومنشأه إلّا هذا الكلام الذي ليس فوقه إلّا كلام الملك العلام ؟فكان على شيخنا البهائي أن يدفع تلك المعارضة بكلام الإمام عليه السلام ، ثم بعد ذلك يبسط الكلام بما ذكره الغزالي إن شاء في ذلك المقام .***

[معنى الحديث في رأي المصنف]

وحيث علمت أن كل واحد ممّا ذُكر من الأجوبة لا يدفع مجموع السؤال ، بل مجموعُها أيضا لا يَدفع مجموعَه ، فلنذكر الآن ما وعدناك به من ذكر ما يدفع جميع السؤالات من دون تكلف مستهجن ولا تعسف مستبشع ، ولم يسبقني إليه سابق ولم يلحقني فيه لاحق ، بعد تقديم بعض المقدمات النافعة ، فأقول وباللّه التوفيق :إن النية اللغوية التي هي عبارة عن «القصد إلى إيقاع الفعل» لم يرد بها حديث ولا رواية ؛ لأن الفعل لا يقع عن الفاعل المختار بدون قصده . ولذا قال بعض المحققين : لو يكلفنا اللّه تعالى العبادة من دون نية لكان تكليفا بما لا يطاق . فالنية التي وردت في كلام الشارع من أنه لا عمل إلّا بنية ، وإنما الأعمال بالنيات وغير ذلك مما ذكرناه

1.الكافي ، ج۸ ، ص۲۴ ؛ تحف العقول ، ص۹۹ ، تحقيق علي اكبر الغفاري ، نشر : جامعة المدرسين ، الطبعة الثانية .

صفحه از 112