شرح حديث "نية المؤمن خير من عمله" - صفحه 82

وقلت : أما ۱ قول الشاعر :

يا لَيْتَني مِثْلُكِ فِي الْبَياضِأَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِيأَبَاضِ۲
يمكن حمله على ما حملنا ۳ عليه بيت المتنبي كأنه قال : أبيض من جملة اُخت بنيأباض ومن عشيرتها وقومها . [ولم يرد المبالغة والتفضيل] ۴ . وهذا أحسن من قول أبيالعباس المبرد : إنه محمول على الشذوذ ۵ .

[كيف تكون النية من جملة الأعمال]

إن قيل : كيف تكون نية المؤمن من جملة أعماله [على هذا التأويل] ۶ ، والنية ۷ لا تسمى عملاً في العرف ، وإنما يسمى عملاً ۸ أفعال الجوارح؟ ولهذا لا يقولون : عملت بقلبي ، كما يقولون : عملت بيدي ، ولا يصفون أفعال اللّه تعالى بأنها أعمال .
قلنا : ليس يمتنع أن تسمى أفعال القلوب أعمالاً وإن قل استعمال ذلك فيها . ألا ترى أنهم لا يكادون يقولون : فعلت بقلبي ، كما يقولون : فعلت بجوارحي ، وإن كانت أفعال القلوب تستحق التسمية بالفعل حقيقة بلا خلاف ، وإنما ۹ لا تسمى أفعال اللّه أعمالاً لأن هذه اللفظة تختص بالفعل الواقع عن قدرة والقديم تعالى قادر لنفسه ، كما لا نصفه

1.كذا في المخطوطة ، وفي الأمالي : «وقلت أنا» ، وهو الأصح ، لأنه لو كانت العبارة كما في المتن لزم أن يقال في جواب أمّا : «فيمكن حمله . . .» بالفاء ، مع أنه لم يأت بها ، فتفطن .

2.نقله السيّد المرتضى في الأمالي من غير عزو . وهو منسوب إلى رؤبة بن العجاج كما في مجموع أشعار العرب ، ص۱۷۶ . قاله في هامش القواعد للشهيد ، ج۱ ، ص۱۱۳ .

3.في الغرر : حملناه .

4.الزيادة من الأمالي .

5.في الأمالي : وهو أحسن من قول أبيالعباس المبرد ـ لما أنشد هذا البيت وضاع ذرعا بتأويله على ما يطابق الاُصول الصحيحة ـ أن ذلك محمول على الشذوذ والندران .

6.الزيادة من الغرر .

7.أقول : النية إرادة إيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا . كما عرّفه كذلك العلّامة في قواعد الأحكام ، وأراد بالإرادة إرادة الفاعل ، وبالفعل ما يعم توطين النفس على الترك ، فخرجت إرادة اللّه سبحانه لأفعالنا ودخلت نية الصوم والأحزام وأمثالهما ، والجار متعلق بالإرادة لا بالإيجاد ، فخرج العزم . كذا قال شيخنا البهائي ـ رضوان اللّه عليه ـ في الأربعين ذيل شرحه للحديث السابع والثلاثين بعنوان «تبيان» ، وذكر بعض الردود والمناقشات عليه ، فراجع .

8.في الأمالي : وإنما تسمى بالأعمال .

9.في الأمالي : «ولكن» .

صفحه از 112