بسط ۱ مقال لتوضيح حال ۲
قد تضمن هذا الحديث تفضيل النية على العمل ، ونَقَلَ الخاصة والعامة عن النبي صلى الله عليه و آله : نية المؤمن خير من عمله .
وقد قيل فيه وجوه :
الأول : أن المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق . ولا ريب أنه خير من أعماله ؛ إذ ثمرته الخلود في الجنة ، وعدمه يوجب الخلود في النار ، بخلاف العمل ، وبهذا يزول الإشكال في ما يروى من ۳ تتمة هذا الحديث من قوله صلى الله عليه و آله : ونية الكافر شرّ من عمله .
الثاني : أن المراد أن النية بدون العمل خير من العمل بدون النية .
وردّ بأن العمل بدون نية لا خير فيه أصلاً ، وحقيقة التفضيل تقتضي المشاركة ولو في الجملة .
الثالث : أن المؤمن ينوي خيرات كثيرة لا يساعده الزمان على عملها ، فكان الثواب المترتب ۴ على نياته أكثر من الثواب المترتب على أعماله . وهذا الكلام ينسب إلى ابن دريد اللغوي ۵ .
الرابع : أن طبيعة النية خير من طبيعة العمل ؛ لأنه لا يترتب عليها عقاب أصلاً ، بل إن كانت خيرا اُثيب عليها ، وإن كانت شرا كان وجودها كعدمها ، بخلاف العمل ؛ فإن من «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَ مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»۶ ، فصح أن النية بهذا الاعتبار خير من العمل .
الخامس : أن النية من أعمال القلب ، وهو أفضل من الجوارح ، فعمله أفضل من عملها . ألا ترى إلى قوله تعالى : «أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى»۷ جعل سبحانه الصلاة وسيلةً إلى
1.جاء في الهامش تحت هذه اللفظة : مقول لفظ قال .
2.اُنظر : الأربعين ، ص۳۲۲ من الطبعة الحجرية .
3.في المطبوع من الأربعين : «في» .
4.لفظة المترتب ليست في مخطوطة الأربعين .
5.في نسختي الأربعين بعد اللغوي رمز «ره» أي : رحمة اللّه عليه .
6.الزلزلة (۹۹): ۷ ـ ۸ .
7.طه (۲۰): ۱۴ .