شرح حديث "نية المؤمن خير من عمله" - صفحه 99

في طلبها ، فلا يتيسر لك توجيهه بكلّيته إلى الصلاة وتحصيل الميل الصادق إليها والإقبال الحقيقي عليها ، بل يكون دخولك فيها دخول متكلّف بها متبرّم ۱ بها ويكون قولك : أصلّي قربة إلى اللّه كقول الشبعان : «أشتهي الطعام» وقول الفارغ : «أعشق فلانا» مثلاً .
والحاصل أنه لا تحصل لك النية الكاملة المعتد بها في العبادات من دون ذلك الميل والإقبال ، وقمع ما يضاده من الصوارف والأشغال ، وهو لا يتيسر إلّا إذا صرفت قلبك عن الأمور الدنيوية ، وطهّرت نفسك عن الأمور ۲ الذميمة ، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلية .
ومن هنا يظهر أن النية أشق من العمل بكثير فتكون أفضل منه ، ويتبين لك أن قوله صلى الله عليه و آله : أفضل الأعمال أحمزها ، غير منافٍ لقوله صلى الله عليه و آله : نية المؤمن خير من عمله ، بل هو كالمؤكِّد والمقرِّر له ، واللّه ولي التوفيق . ۳
انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه .

[التنقيب حول كلام الشيخ البهائي]

ولا يخفى أن ما ذكره الشهيد رحمه الله اشتمل على ما ذكره البهائي وزيادة ، سوى الوجه الرابع والثامن والتاسع ، فإنها ليست في كلام الشهيد ، فكأنه رحمه الله لم يذكر تلك الزيادة ؛ لزيادة بُعدها ولتكرر بعضها ، لكنه ذكر بدلها هذه الثلاثة ، فكأن هذه التسعة مرضية عنده إذ لم يذكر غيرها ، ولو يكون غيره ممّن تقدمه يذكر غيرها ممّا هو أقرب منها لذكره البتة .
وقد قال في عنوان نقلها : «بسط مقال لتوضيح حال» ، فينبغي أن يكون تلك الوجوه التسعة قد أوضحت الحال ورفعت الإشكال وحسمت مادة السؤال ؛ أعني : ينبغي أن

1.الكلمة مشوشة ، قرأناها كذلك كما في نسختي الأربعين .

2.في الأربعين المخطوطة منه والحجرية : الصفات .

3.الأربعين للشيخ البهائي ، ص۳۱۲ ، ح۳۷ .

صفحه از 112