شرح حديث "من همّ بحسنة ولم يَعملها..." - صفحه 170

سبق الرحمة الواسعة ، ومن أجل سبق الرحمة واللطف يؤجّل فاعل المعصية سبع ساعات ، فإن تاب واستغفر اللّه لم تثبت في صحيفته ، وإلّا اُثبتت عليه ، كما في خبر فضيل بن عثمان المرادي المرويّ في الكافي قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أربعٌ مَن كُنّ فيه لم يهلك على اللّه بعدهنّ إلّا هالك ؛ يهمّ العبد بالحسنة فيعملها ، فإن هو عملها كتب اللّه له حسنة بحُسن نيّته ، وإن هو عملها كتب اللّه له عشرا ، ويهمّ بالسيّئة أن يعملها ، فإن لم يعمَلْها ، لم يُكتَب عليه شيء ، وإن هو عملها أُجِّلَ سبع ساعات . وقال صاحب الحسنات لصاحب السيّئات وهو صاحب الشمال : لا تعجل ، عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها ، فإنّ اللّه عزّوجلّ يقول : «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»۱ ، أو الاستغفار ، فإن هو قال : أستغفر اللّه الذي لا إله إلّا هو ، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والإكرام وأتوب إليه ، لم يُكتب عليه شيء . وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار ، قال صاحب الحسنات لصاحب السيّئات : اكتب على الشقيّ المحروم» . ۲
والمراد بلسانه ـ الذي هو قلم الملك ـ هو القوّة الناطقة المدركة للكلّيّات ، فإنّ بها ترتسم صور المعلومات في لوح النفس التي هي مقرّ الصور العلميّة ، وفي لوحَي الخيال والوهم ، وهي أعالي وجه النفس الكلّيّة التي بها تتوجّه إلى ممدّها من العقل إن كانت مطمئنّة ، أو الجهل إن كانت أمّارة ، ولذا ورد : أنّ صحيفة الملك جبينه .
والمراد بريقه ـ الذي هو مداد الكاتبين ـ هو رطوبات فكره وخياله ووهمه المتولّدة من هضم غذاء نفسه الذي منه تنمو صورتها ، وهو أعماله وعقائده ، فإنّها غذاء النفس ، وعذبه طيبه إن كانت النفس مطمئنّة ، والعقائد والأعمال حقّة ، [و ]ملحٌ اُجاج منتن إن كانت أمّارة والعقائد والأعمال باطلة ، فإنّ غذاء المطمئنّة من فضل شجرة المزن ، وغذاء الأمّارة من فضل شجرة الزقّوم .

1.هود (۱۱) : ۱۱۴ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۹ ، باب من يهمّ بالحسنة أو السيّئة ، ح ۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۶ ، ص ۶۴ ، ح ۲۰۹۹۱.

صفحه از 188