والضرر ، فهو من باب الأخلاق والطبائع الخبيثة الذميمة المحرّمة ، وإن كان بمعنى أنّه يريد أن يفعل الضرر بالناس ، فهو من باب النيّات . ولا ريب أنّ نيّة المعصية حرام ، فيجري فيها التفصيل السابق .
وأمّا حمل الأخبار الدالّة على عدم المؤاخذة على الهمّ ، فكلامٌ مجمل ، فإنّ الهمّ إن تحقّق معه نيّة ، جرى فيه الكلام والتفصيل ، وإلّا فلا ينبغي التوقّف في أنّه لايترتّب عليه ثواب ولا عقاب ، فإنّه لايخرج حينئذٍ عن مجرّد التصوّر أو التردّد في أنّه يعزم أو لايعزم ، وكلاهما خارج عن البحث ، وحكمه يعلم ممّا تقدّم .
ثمّ قال رحمه اللّه تعالى :
والمنكرون أجابوا عن الآيتين بأنّهما مخصّصات بإظهار الفاحشة والظنون كما هو الظاهر من سياقها . ۱
أقول : إظهار الفاحشة لا يخرج عن الغيبة أو البهت ، وكلاهما خارج عن منطوق الآية ، فإنّ الفرق بينهما وبين المحبّة ظاهر لايخفى ، فلا تخصّص به .
وأمّا إظهار الظنون ، فهو لا يكون إلّا بالذِّكر اللساني ، وهو خارج عن معنى الظنّ بلا شبهة ، فلا يخصّص به منطوق الآية ؛ لمباينته لمعناه ، على أنّا قد بيّنّا عدم دلالة الآيتين على المدّعى .
ثمّ قال رحمه اللّه تعالى :
وعن الثالث بأنّ العزم المختلف فيه ما له صورة في الخارج كالزنى وشرب الخمر . وأمّا ما لا صورة له في الخارج كالاعتقاديّات وخبائث النفس مثل الحسد وغيره ، فليس من صور محلّ الخلاف ، فلا حجّة فيه على ما نحن فيه .
أقول : هذا حقّ يعلم وجه حقّيّته ممّا مرّ .
ثمّ قال رحمه الله :
وأمّا احتقار الناس وإرادة المكروه بهم ، فإظهاره حرام يؤاخذ به ؛ ولا نزاع فيه ، وبدونه أوّل المسألة . ۲
1.شرح اُصول الكافي ، ج ۱۰ ، ص ۱۶۲.
2.شرح اُصول الكافي، ج ۱۰، ص ۱۶۳.