شرح حديث "من همّ بحسنة ولم يَعملها..." - صفحه 184

على حصر المؤاخذة بالنيّة فيما إذا عملها في الزمان وإن كانت مؤاخذته بها حينئذٍ مسلّمة إجماعيّة ، فإنّا دللنا على أنّه يؤاخذ بها إذا أصرَّ عليها وإن لم يفعل المنويّ ، وصريح خبر التخليد بالنيّات يدلّ عليه ، فليس فيما قرّره الشارح جمع للأخبار ؛ لعدم الدليل عليه ، بل الدليل قام على غيره ، وهو ما فصّلناه .
وأمّا أنّ الكفر مستقرّ في الخارج فإطلاقه ممنوع ؛ لأنّ الكفر قسمان : اعتقادي وفعلي ، والأوّل ليس بموجود في الخارج فضلاً عن أن يكون مستقرّا فيه . وأمّا الفعلي كقتل المعصوم أو سبّه وما أشبه ذلك ، فموجود في الخارج ، وكلا القسمين ليس من باب نيّات الأعمال في شيء ؛ لأنّ الأوّل اعتقاد لا عمل ولا نيّة بل في الخارج ، والبحث في الأعمال الخارجيّة ونيّاتها . والثاني إنّما هو عمل يفتقر إلى نيّة ، فليس هو بنيّة ، فلا يظهر لقوله : «فهذه النيّة ليست داخلة» إلى آخره معنى يظهر لي ، ولا وجه التفريع .
ثمّ قال ـ يعني بعض الأفاضل ـ :
كما أنّ المعصية ليست سببا للخلود على ما يفهم من الحديث المذكور ـ يعني حديث التخليد بالنيّات ـ لكونها في زمان محصور منقطع وهو مدّة العمر ، كذلك نيّتها ؛ لأنّها تنقطع أيضا عند انقطاع العمر ؛ لدلالة الآيات والروايات على ندامة العاصي عند الموت ومشاهدة أحوال الآخرة ، فينبغي أن يكون ناويها في النار بقدر كونه في الدنيا ، لا مخلّدا . ۱
أقول : تقرير السؤال على ما يظهر أنّه كما أنّ العمل محدود بمدّة العمر وبعده ينقطع ، كذلك نيّته محدودة بمدّة العمر وبعده تنقطع.
أمّا الأوّل فظاهر ، والخبر يدلّ عليه .
وأمّا الثاني فلأنّ الآيات والروايات دلّت على ندامة العاصي عند الموت والمعاينة وانكشاف الغطاء ، فكما أنّ مقتضى العدل أنّه لايخلّد بعمله المنقطع الواقع في زمن يسير حقير قصير منقطع ، كذلك مقتضى العدل أن لا يخلّد بنيّة منقطعة واقعة في أيّام قليلة .
والجواب ما أشرنا له من أنّ الأعمال البدنيّة مختصّة بالدنيا منقطعة بانقطاع العمر ،

1.شرح اُصول الكافي ، ج ۱۰ ، ص ۱۶۴.

صفحه از 188