شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 198

قلنا : الحذف لابدّ فيه من التقدير ، وبه تفوت عند التحقيق لدى الخبير البصير .
وَلْنَكِل الاختلافَ في اللفظ من الإفراد والتركيب ـ من المنادى وعوض حرف النداء أو الجملة بحذفٍ منها ـ والبحثَ في اشتقاق لفظ الجلالة وجموده على أنّه سرياني وغير ذلك لمحلّهما .
وفي رسالتنا المعمولة لشرح دعاء السمات وكتابنا المسمّى ب تأويل التنزيل غنية ؛ فطالِع .
(اِغْفرْ لي) الغفر : التغطية ، يُقال : غفرت المتاع : جعلته في الوعاء ، ويُقال أيضا : أصبغ ثوبك ؛ فإنّه أغفر للوسخ أي أحمل .
وبالجملة ، فالكلّ راجع للستر .
وقيل : معنى غفران الذنب محوه ، ۱ ولا بأس به في بادئ الرأي ولكنّه يكون مجازا ، وعلى تقدير أنّ الحقائق متى خرجت لعالم الكون فهي باقية في عالمها ثابتة فيه وإن اختلفت عليها الحالات ، فمعنى الغفر باق على حقيقته لغةً. ومنه : «يامَنْ أظهر الجميل ، وستر القبيح» .
وعلى هذا فمحو السيّئات تكفيرها وعدم العمل بمقتضاها وما يترتّب عليها من أثر العذاب وإخفائها عن الناظرين ؛ لئلّا يفتضح فاعلوها في الدنيا باطّلاع الناس عليها ، وفي الآخرة بالمؤاخذة بها ، ففي الحقيقة محوها راجع لشرّها لا بالعكس .
وقد يُقال : إنّ صيغة الأمر تنافي المطلوب في ابتغاء المطلوب من المحبوب ، سيّما إذا كان قاهرا عظيما .
والجواب : أنّ ذلك إنّما ينافيه الأمر كأن يقال : آمرك أو أنت مأمور ، لا صيغته ؛ لاشتراكها بينه وبين أخويه ـ أعني الالتماس والدعاء ـ فما أحسن من قسّم الأمر [إلى ]الثلاثة ، وأحسِنْ بمن قسّم الصيغة لها ، هذا وأنّ الداعي لمّا كان في مقام الطاعة والانقياد ، امتثل معاملة ربّه حسبما عامل سبحانه به نفسه ، واستهلك في مقامه ،

1.انظر فيض الغدير للمناوي ، ج ۲ ، ص ۱۱۸.

صفحه از 280