والتقصير .
(خَشْيَتَكَ) أي أن أخشاك وأخافك ، وهو أشهر معانيها والمقصود منها هنا.
وتُطلق أيضا على الكراهة ، ومنه قوله تعالى : «فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانا وَكُفْرا»۱ ، وعلى العلم ، ومنه قوله (شعر) :
ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدىسكن الجنان مع النبيّ محمّد۲
وقد يفرق بين الخشية والخوف ؛ قال المحقّق الطوسي قدس سره في بعض مؤلّفاته ما حاصله :
إنّ الخوف والخشية وإن كانا في اللغة بمعنىً واحدٍ ، إلّا أنّ بين خوف اللّه وخشيته في عرف أرباب القلوب فرقا ، وهو أنّ الخوف تألّم النفس من العقاب المتوقّع بسبب ارتكاب المنهيّات والتقصير في الطاعات ، وهو يحصل لأكثر الخلق وإن كانت مراتبه متفاوتة جدّا ، والمرتبة العليا منه لا تحصل إلّا للقليل ، والخشية تحصل عند الشعور بعظمة الحقّ وهيبته وخرق الحجب عنه ، وهذه الحالة لا تحصل إلّا لمن اطّلع على جلال الكبرياء ، وذاق لذّة القُرب ، ولذلك قال سبحانه : «إِنَّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»۳ . والخشية خوف خاصّ ، وقد يطلقون عليه الخوف أيضا . ۴ انتهى .
وسؤال الخشية إمّا سؤال حقيقتها ، أو سؤال مقدّماتها الباعثة عليها من الترقّي في المعارف وإشراق الأنوار ورفع الموانع كالنهي عن حبّ الدنيا وحطامها ، أو أثرها وغايتها المرتّبة عليها من العمل بمقتضاها ، فعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ»۵ ، قال : «من علم أنّ اللّه يراه ويسمع ما يقول ويفعل ، ويعلم ما يعمله من خيرٍ أو شرّ ، فحجزه عن القبيح من الأعمال ، فذلك الذي خاف مقام ربّه
1.الكهف (۱۸) : ۸۰ .
2.نسبه الطريحي في تفسير غريب القرآن ، ص ۲۲ إلى جرير ، وهو أبو حرزة جرير بن عطيّة بن الخطفي التميمى أحد فحول الشعراء الإسلاميين ، له ديوان مطبوع.
3.فاطر (۳۵) : ۲۸ .
4.قال به في أوصاف الأشراف ، على ما في شرح اُصول الكافي لمولى صالح المازندراني ، ج ۱۰ ، ص ۳۸۰ ، و حكاه عن بعض مؤلفاته الشيخ البهائي في أربعينه ، ص ۳۰۸.
5.الرحمن (۵۵) : ۴۶ .