شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 211

مع اللّه شيئا» . ۱
ثمّ إنّ الخوف منه تعالى لا ينافي رجاءه ، بل ينبغي أن يكون العبد في نهاية الأمر من كلّ منهما .
ففي الكافي بالإسناد عن المغيرة عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : ما كان في وصيّة لقمان؟ قال : «كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه : خف اللّه تعالى خيفةً لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، وارج اللّه رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك» .
ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : «كان أبي يقول : إنّه ليس من عبدٍ مؤمنٍ إلّا وفي قلبه نوران : نور خيفة ، ونور رجاء ، لو وزن هذا ، لم يزد على هذا ، ولو وزن هذا لم يزد على هذا» . ۲
وفيه بإسناده عن سنان بن ظريف قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «ينبغي للمؤمن أن يخاف اللّه خوفا كأنّه مشرفٌ على النار ، ويرجو رجاءً كأنّه من أهل الجنّة» . ثمّ قال : «إنّ اللّه تعالى عند ظنّ عبده إن خيرا فخيرا و إن شرّا فشرّا» . ۳
قال بعض أصحابنا قدس سرهم : إنّ الأحاديث الواردة في سعة عفو اللّه تعالى سبحانه وجزيل رحمته ووفور مغفرته كثيرة جدّا ، ولكن لابدّ لمن يرجوها ويتوقّعها من العمل الخالص المدلّ على حصولها ، وترك الانهماك في المعاصي المفوّت لها كمن ألقى البرّ في أرض ، وساق إليها الماء في وقته ، ونقّاها من الشوك والأحجار ، وبذل جهده في قلع النباتات الخبيثة المفسدة للزرع ، ثمّ جلس ينتظر كرم اللّه ولطفه سبحانه مؤمّلاً أن يحصل له وقتَ الحصاد مائة قفيز ـ مثلاً ـ فهذا ـ هو الرجاء الممدوح .
وأمّا من تغافل عن الزراعة ، واختار الراحة طول السلف ، وصرف أوقاته في اللّه و واللعب ، ثمّ يجلس ينتظر أن ينبت اللّه له زرعا من دون سعيٍ وكدّ وتعب ، وكان طامعا أن يحصل له كما لصاحبه الذي صرف ليله ونهاره في السعي والكدّ والتعب ، فهذا

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۵۷ ، باب فضل اليقين ، ح ۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۰۲ ، ح ۲۰۲۷۹.

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۷ ، باب الخوف والرجاء ، ح ۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۱۶ ، ح ۲۰۳۱۱.

3.الكافي ، ج ۸ ، ص ۳۰۲ ، باب كراهة الوحدة في السفر ، ح ۴۶۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۳۰ ، ح ۲۰۳۵۲.

صفحه از 280