شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 215

والحقّ خلاف الباطل ، وهل يتساوى مع الصدق ، أو يكون أعمّ منه؟ يحتمل عندي الثاني نظرا إلى أنّ الكذب المستثنى جوازه من قضيّة تحريمه حقّ ، والتقيّة حقّ.
وتطلق الكلمة في عرف الأخبار ـ شفعا للقرآن المجيد ـ على النبيّ والإمام ، فعيسى كلمة اللّه ألقاها إلى مريم ، وتلقّى آدم من ربّه كلمات سأله بمحمّدٍ وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، ۱ وابتلى إبراهيم ربّه بكلمات هي التي تلقّاها آدم ، وجعلها كلمة باقية في عقبه ؛ جعل الإمامة في عقب الحسين عليه السلام ، إلى غير ذلك .
وفي كتابنا المسمّى ب«تأويل التنزيل» كثير من ذلك ، وقد بسطنا فيه الكلام على توجيه هذا الإطلاق في تأويل قوله تعالى : «وَللّهِِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا»۲ ، حتّى أنّا وفّقنا بينه وبين عرف النحاة في تعريف الكلمة وأقسامها الثلاثة توجيه الكلمة بالإمام [... ]الاسم به والفعليّة [...] والحرف لما عرّفه النحويّون ، فليطلب ثَمَّ .
واعلم أنّ سؤال كلمة الحقّ على ظاهرها ظاهر لتجدّدها ، وأمّا على هذا التأويل فلعلّ المراد الثبات عليها كما في سؤال الخشية مع تحقّقها وإن كان فيها يحتمل الترقّي ، وعلى الثبات حمل طلب الهداية في «اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ» لمن كان واصلاً لها ، ومغمورا فيها بخلافها في «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ»۳ فإنّها الموصلة ، وفي «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ»۴ ، وفي «فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى»۵ فإنّها الإرشاد وإراءة الطريق ؛ إذ لا امتنان في إيصال طريق الشرّ وطلب التثبيت من حيث إنّ الممكن كما يحتاج للواجب في الوجود يحتاج له في البقاء .
[(في الغَضَبِ والرِّضا)] ولعلّ حينئذٍ المراد بسؤال الإمامة في الغَضَبِ والرضا سؤال العمل بمقتضاها . وأمّا على الظاهر من الكلمة فبيّن وفي الفقيه : مرّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبقوم يتناولون حجرا ، فقال : «ما هذا؟ وما يدعوكم إليه؟»
قالوا : نعرف أشدّنا وأقوانا .

1.تفسير العياشي ، ج ۱ ، ص ۵۷ ، ح ۸۸ ؛ بحارالأنوار ، ج ۲۵ ، ص ۲۰۱ ، ح ۱۴.

2.الأعراف(۷) : ۱۸۰ .

3.القصص (۲۸) : ۵۶ .

4.البلد (۹۰) : ۱۰ .

5.فصّلت (۴۱) : ۱۷ .

صفحه از 280