ويكفيك في ذمّ الغنى المالي قوله تعالى : «لَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفا مِنْ فَضَّةٍ»۱ الآية .
وفي الحديث عن سيد الزاهدين زين العابدين عليه السلام «عنى بذلك اُمّة محمّد أن يكونوا على دين واحد كفّارا كلّهم ، ولو فعل اللّه ذلك باُمّة محمّد لحزن المؤمنون ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم» . ۲
ولنا هنا تعليق سؤال أجبنا عنه علّقناه على نسخة الوافي وخلاصته : أنّ الآية قاضية بترتّب كفر جميع الاُمّة على الجعل المخصوص ، وحينئذٍ لا يبقى مؤمنون ، فما معنى حزن المؤمنين لو فعل اللّه ذلك؟
والجواب : أنّ المراد اجتماع عامّة الاُمّة على الكفر لكون إيمانهم معارا مستودعا ، فعبّر عن الغالب بالناس ، وعن اجتماعهم باجتماع الاُمّة كلّها ، والباقون ـ وهم النفر القليل ـ هم الذين يحزنون وهؤلاء ذوو الإيمان المستقرّ لا يزول ؛ إذ إيمانهم ذاتي وما بالذات لا يزول ، وقد أحبّهم اللّه تعالى ، وإذا أحبّ اللّه عبدا لم يبغضه أبدا ، وإذا أبغض اللّه عبدا لم يحبّه أبدا ؛ كذا استأثر عنهم عليهم السلام ، ۳ ولو لم يبق إلّا المعصومون تخصّصت القضيّة بهم ، فكلّ عامّ مخصوص حتّى «كلّ عامّ مخصوص ». ولأصحابنا قدّس اللّه أسرارهم بحث شريف نصّوا فيه على أنّ الإيمان لا يعقبه الكفر . ۴
فأمّا قوله تعالى : «آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرا»۵
فهؤلاء المستودعون ، بل القائلون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، ففي الحديث [ما] ذكرناه في كتابنا المسمّى ب«تأويل التنزيل» : «نزلت في فلان وفلان وفلان ، آمنوا بالنبيّ في أوّل
1.الزخرف (۴۳) : ۳۳ .
2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۶۵ ، باب فضل فقراء المسلمين ، ح ۲۳ ؛ علل الشرائع ، ج ۲ ، ص ۵۸۹ ، الباب ۳۸۵ ، ح ۳۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۹ ، ص ۲۸ ، ح ۲۵.
3.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۷۹ ، ح ۴۰۵ ؛ الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۵۲ ، باب السعادة و الشقاء ، ح ۱ ؛ التوحيد ، ص ۳۵۷ ، ح ۵ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵ ، ص ۱۵۷ ، ح ۱۱.
4.انظر شرح اُصول الكافي لمولى صالح المازندراني ، ج ۱۰ ، ص ۱۳۵ فمابعد.
5.النساء (۴) : ۱۳۷ .