وممّن تنبّه لما أفدناه ـ من تحقّق معنى النبوّة فيهم صلوات اللّه عليهم ـ المحقّق القدسي مولانا المجلسي طاب ثراه ، قال في البحار :
وبالجملة ، لابدّ لنا من الإذعان بعدم كونهم عليهم السلام أنبياء ، وبأنّهم أشرف وأفضل من غير نبيّنا صلى الله عليه و آله وسلم من الأنبياء والأوصياء ، ولا نعرف جهة لعدم اتّصافهم بالنبوّة إلّا رعاية جلالة خاتم الأنبياء ، ولا يصل عقولنا إلى فرق بين النبوّة والإمامة . انتهى . ۱
وأقول : في بصائر الصفّار عن الصادق عليه السلام «أنّ مبلغ علمهم ثلاثة وجوه ، وهو مفسّر وغابر ـ وهو مزبور ـ وحادث وهو قذف في القلوب ، ونقر في الأسماع» . قال عليه السلام : «وهو أفضل علمنا ولا نبيّ بعد نبيّنا» . ۲
ثمّ إنّه قد يُقال : إنّ السماع النبوي عن جبرئيل ، وسماع الإمام عن غيره ، ففي البصائر عنهم عليهم السلام : أنّه عن خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل» ۳ ولعلّه الروح الأمري .
ولكن في البصائر أيضا : «أنّ عليّا عليه السلام كان يوم بني قريظة وبني النضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يحدِّثانه» . ۴
اللهمَّ إلّا أن يُقال : هذا التحدّث لا بوحي ، بل على نحو ـ تناجي الأصدقاء ، وهو بعيد .
وممّا يشير إلى أنّ معنى النبوّة حاصل في الإمام وإن لم يطلق عليه لفظها ما رواه في البصائر أيضا عن الصادق عليه السلام قال : «علم النبوّة يدرج في جوارح الإمام». ۵
ويحتمل في «علم» أن يكون بفتحتين بمعنى العلامة ، والبحث في هذا المقام خارج عمّا نحن فيه .
والحاصل : أنّه لا ريب أنّ النبيّ لا يكون نبيّا حتّى يصقل نفسه بصقالة العبوديّة لتتجلّى جليّة الأمر والوحي في مرآة قلبه .
1.بحارالأنوار ، ج ۲۶ ، ص ۸۲ ، ذيل حديث ۴۵.
2.بصائرالدرجات ، ص ۳۳۸ ، الباب ۴ ، بحارالأنوار ، ج ۲۶ ، ص ۵۹ ، ح ۱۳۲.
3.بصائرالدرجات ، ص ۳۷۵ ، الباب ۱۶ ، بحارالأنوار ، ج ۲۵ ، ص ۵۹ ، ح ۲۹.
4.بصائرالدرجات ، ص ۳۴۳ ، الباب ۶ ، بحارالأنوار ، ج ۲۶ ، ص ۷۱ ، ح ۱۴.
5.بصائرالدرجات ، ص ۳۹۳ ، ح ۱۸ ، الباب ۲۰ ، بحارالأنوار ، ج ۲۶ ، ص ۷۹ ، ح ۳۶.