وفي الحديث عنه عليه السلام : «وأيّ سجن جاء منه خير» . ۱
وفي أخبار اُخرى : «مَنْ أحبّه اللّه ابتلاه» . ۲
واُخرى : «لا خير فيمن لا يُبتلى» . ۳
إلى غير ذلك .
وقد كان صلى الله عليه و آله وسلم قطب دائرتها ومركز كرتها ، قيّد سؤال برد العيش بقوله :
(بَعْدَ المَوْتِ) ۴ وهي الحياة الأبديّة والعطاء فيها غير مجذوذ.
ويُحتمل بحسب مقام الداعي أن يُراد بالموت مرتبة الفناء في اللّه الذي هو حاقّ البقاء ، وحينئذٍ فهو في هذه الدار فانٍ ، ولا شكّ أنّه في ذلك المقام. فلا يحسّ بالبلاء ولا يتأذّى به ؛ لفرط محبّته للّه بحيث لا يفرق بين بلائه ونعمائه .
وقد كان عليّ عليه السلام فيما ورد عنه يشكر على البلاء ، والشكر إنّما يكون في مقابلة النعمة ، وعلى هذا فعيشه ومن يحذو حذوه بارد مع تأجّج نيران المصائب ، وكونهم أغراضا لسهام المثالب ، وعليه يُحمل ما ورد عنهم عليهم السلام : «أنّ اللّه خلق خلقا ضنّ بهم عن البلاء ؛ خلقهم في عافية ، وأماتهم في عافية ، وأدخلهم الجنّة في عافية» . ۵
ويشير إلى حملنا هذا خبر آخر ، قال فيه : «إنّ للّه ضنائن ۶ من خلقه يغذوهم بنعمته ، ويحييهم في عافيته ، ويدخلهم الجنّة برحمته ، تمرّ بهم البلايا والفتن لا تضرّهم شيئا. ۷
ألا ترى إلى قوله عليه السلام : «تمرّ بهم البلايا» أراد عليه السلام أنّهم مبتلون فيلتذّون بها ؛ إذ كلّ ما يفعل المحبوب محبوب ، فلا تضرّهم في دينهم ، ولا تأخذهم في اللّه لومة لائم .
1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۵۰ ، باب ما أخذه اللّه على المؤمن من الصبر ، ح ۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۵ ، ص ۲۲۱ ، ح ۱۱.
2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۵۳ ، باب شدّة ابتلاء المؤمن ، ح ۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۳ ، ص ۲۵۲ ، ح ۳۵۵۳.
3.ثواب الأعمال ، ص ۱۹۲ ، باب ثواب الحمى ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۸ ، ص ۱۸۳ ، ح ۳۵.
4.في الكافي : «وبركة الموت بعد العيش و برد العيش بعد الموت» بدل «وبرد العيش بعد الموت».
5.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۶۲ ، باب ما رفع عن الاُمّة ، ح ۲ ؛ كتاب المؤمن ، لحسين بن سعيد ، ص ۳۶ ، ح ۸۳ .
6.الضنائن : الخصائص ، تضنّ به أي : تبخل.
7.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۶۲ ، باب ما رفع عن الاُمّة ، ح ۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۸ ، ص ۱۸۱ ، ح ۲۹.