تزوّجت على ضرّة ، والضرّة امرأة الزوج ، وأفعل فيهما لازم كأغدّ البعير ؛ أي صار ذا غدّة ، والمعنى حينئذٍ من غير ضرّاء ذات إسراع أو ذات ضرّة ، أي ضرّاء مثلها ، يعني من غير شدّة بعدها شدّة . والضرّة أيضا المال الكثير ، ويُقال للذي راح عليه مال كثير : مضرّ .
وبالجملة ، فلعلّ تلك الشدائد التي طلب صلى الله عليه و آله وسلم من ربّه انتفاءها عنه شدائد الموت وسكراته التي هي مقدّمات الوصول للمطلوب الذي هو لقاء المحبوب .
ويناسب ذلك حينئذٍ أن يُراد بقوله :
(ولا فِتْنَةٍ مُضِلَّة)۱ فتنة العديلة عند الاحتضار ، فإنّها الداهية العظمى والمصيبة الكبرى ، بينا ترى المرء في غاية ما يكون من الورع والاجتهاد في العبادة مدّة عمره ؛ إذ حضره وقتَ الاحتضار عدوّه الشيطان فمنّاه بأن يرجعه للدنيا ، وسوّل له العدات الدنياويّة ، فنكص على عقبه وعبدَ الشيطان من دون ربّه ، ففارق الدنيا كافرا وآب في عدّة الشيطان خاسرا . والروايات بوقوع هذه العديلة متضافرة . ۲
أو يُراد بتلك الشدائد مجموع الصعاب من العقبات التي قبل القيامة التي ورد أنّ أهونها عقبة الموت ، ۳ ويكون قوله : «ولا فتنة» من قبيل عطف الخاصّ على العامّ ؛ لكونه أكبر أفراده وأعظمها ، وأيّ شيء من الشدائد أعظم من انقلاب المؤمن كافرا ، والخروج من النور إلى الظلمات؟ اُولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
ثمّ اعلم أنّ الفتنة معناها الامتحان والاختبار ، ومنها قوله تعالى : «وَفَتَنَّاكَ فُتُونا»۴ ، ويُقال : افتتنت الذهب إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته ، ويسمّى الصائغ الفتّان ، ۵ وكذلك الشيطان .
وفي حديث العامّة : «إنّ المؤمن أخ المؤمن يتعاونان على الفتّان» ۶ رووها بفتح الفاء
1.في الفقيه : «و لا فتنة مُظْلِمَةٍ». و ما في المتن مطابق لنقل الكليني في الكافي.
2.انظر التهذيب ، ج ۳ ، ص ۸۹ ، ح ۲۴۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۸۴ ، ص ۳۰۴.
3.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۸۰ ، ح ۳۶۲ ؛ ذكرى الشيعة ، ج ۲ ، ص ۸۵ .
4.طه (۲۰) : ۴۰ .
5.انظر الصحاح، ج ۶، ص ۲۱۷۵ (فتن).
6.النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۱۰ ؛ الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۱۷۵ (فتن) ؛ بلاغات النساء لابن طيفور ، ص ۱۲۶.