مفردا وضمّها جمعا ، والفاتن أيضا المضلّ عن الحقّ ، فإن كانت الفتنة من هذا الخاصّ فالوصف توضيحي ، وإلّا فتقييدي .
ولمّا كان صلى الله عليه و آله وسلم محور دائرة الممتحنين في هذه الدار على حدّ ما أسلفناه في الابتلاء على حسب مقتضيات الأقدار ، قيّد ما سأل نفيه من الفتنة بالاضلال ، وهو عن الدِّين وجادّة الاعتدال ، وربّما يوجد في بعض النسخ «مظلّة» بالظاء المعجمة المؤلّفة ، ويجوز حينئذٍ أن يكون المعنى ذات ظلّة أخذا من قوله تعالى : «عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ»۱ ، قالوا : غيم تحته سموم . ۲
ولمّا كان صلى الله عليه و آله وسلم في مطالبه هذه في مقام الوحدة طاويا كثرة الغير في نور ذاته كما قدّمناه في فواتح الشرح ولعلّه كان مقام الإقبال وكان مقام الإدبار ـ وهو هبوطه إلى مقام الكثرة ـ أحد المقامين اللذين اُمر بهما عقلاً إذ قال اللّه له : «أقبل فأقبل ، ثمّ قال له : أدبر فأدبر» ۳ امتثل صلى الله عليه و آله وسلم الأمر من ذي الخلق والأمر ، فهبط لعالم الكثرة ، فرأى معه جماعة من اُمّته لائذين به واثقين برأفته ، فخلّطهم بنفسه من غير إفراد لهم عن ضميره ، وكان أهمّ ما يسأل لهم ما يكون فيه النجاة الاُخرويّة وعليه مدارها ، إذ هو قطبها وهو الإيمان ، سيّما بعد تعوّذه من الضلال الذي هو ضدّه ، والضدّ أقرب حضورا بالبال عند ذكر ضدّه ، فالمناسبة حاصلة ، فقال :
(اللهمَّ) . فأعاد النداء لانتقاله من مقام إلى مقام بينهما بون .
(زَيِّنّا بِزينَةِ الإيمانِ) . والإضافة إمّا بيانيّة ، أو بمعنى اللام ، على أن تكون زينة الإيمان علائمه وصفاته الدالّة عليه ، وإلّا فهو في الحقيقة إذعان قلبي ، واعتقاد روحاني لايعدو معناه اللغوي وهو التصديق ، فعن الباقر عليه السلام قال : «كان بينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمفي بعض أسفاره إذ لقيه ركبٌ ، فقال : السلام عليك يارسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ،
1.الشعراء (۲۶) : ۱۸۹ .
2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۵۶ (ظلل) ؛ القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۰ (ظلل).
3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۰ ، باب العقل والجهل ، ح۱ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۳۹ ، ح ۶۳.