شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 245

اللّه لومة لائم .
ويشير إلى أنّه عليه السلام كان عالما بالسبب والمسبّب قوله في الجواب : «إنّ لكلّ أجلاً» أي إنّ أجل همّام كان في هذه الموعظة ، ولم يكن أجلي فيها .
فمثل هذا الجواب من الشارح قدس سره بعيد غريب ، اللهمَّ إلّا أن يكون قد جرى في الجواب مجرى إمامه صلى الله عليه و آله وسلم في الجواب الإقناعي لمثل من يتكلّف مثل هذا السؤال جريا على مقتضى : «كلِّم الناس على قدر عقولهم» وإلّا فالجواب الغريب ما ذكرناه.
وليس فِعْله هذا بهمّام أغرب ممّا فَعَله عليه السلام بنفسه مع قاتله ـ لعنه اللّه وأحبّاءه له بقتله على يده ـ وبليلة قتله ، وكيفيّة إيقاضه له في المسجد واشتغاله بالصلاة وصبره وهو نورٌ يرى من خلفه كما يرى من أمامه ، وقصّة شهادته عليه السلام مشهورة . ۱
وبالجملة ، فتكاليفهم غير تكاليفنا ، وما لنا إلّا التسليم لهم فيما شجر بيننا ، وأنّ حكمهم فيه هذا .
والكلام على شرح الإيمان في الحقائق الشرعيّة ـ وأنّه أخصّ من الإسلام ؛ إذ الإسلام قولٌ فقط ، والإيمان يزيد عليه بالاعتقاد والعمل ، وأنّه مُثِّل بالمسجد والكعبة ؛ فمَن دخل الكعبة فقد دخل المسجد ولا ينعكس ـ فموكولٌ لمحلّه .
وفي مجلّدات أصحابنا ـ شكر اللّه سعيهم ـ منه البُغية ، والأخبار وافية بذلك ، وفي الوافي منه شيءٌ كثير . ۲
ولمّا سأل صلى الله عليه و آله وسلم زينة الإيمان جملة أخذ يسأل اللّه بعض صفاته ـ التي هي رؤوس علائمه ـ مفصّلةً ، فقال :
(وَاجْعَلْنا هُداةً) ، جمع هاد معلول هُدَيَة كقُضَيَة يصير قُضاة .
(مُهْتَدينَ) ۳ اسم فاعل من باب الافتعال صفة لهُداة ؛ أي اجعلنا هادين عاملين بما نهدي له ؛ فإنّ من يهدي ولا يهتدي كالعالم الغير العامل بعلمه وهو أسوأ حالاً من

1.انظر بحارالأنوار ، ج ۴۲ ، ص ۱۹۲ ، فما بعد.

2.انظر الوافي ، ج ۴ ، ص ۷۷ ، باب في أن الإيمان أخصّ من الإسلام.

3.في الكافي و الفقيه : «مهديّين».

صفحه از 280