شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 249

فقد حصل لهذه الجملة معنى مؤسّس واللّه أعلم .
[(وأسْألُكَ شُكْرَ نِعْمَتِك)].
ولمّا رأى الداعي نفسه صلوات اللّه عليه وآله متّصفة بتلك المزايا العظام والخصائص الكرام من زينة الإيمان وعزيمة الرشاد والثبات في الأمر والرشد ، وهذه هي الأرواح الثلاث التي تستتبع القرب الإلهي وكلّ متأخّرة يشتمل على ما قبلها وزيادة ، كما أنّ روح الإيمان متأخّرة عن أرواح ثلاث اُخرى يشترك فيها أفراد الإنسان من حيث هو إنسان : الناطقة وبها يتميّز عن أفراد الحيوان ، والحيوانيّة وفيها يشارك أفراده وينفرد عن النبات ، والنامية وفيها تشترك أفراد النبات ، ورأى نفسه مغمورة في تلك النِّعم سيّما النعمة الأخيرة التي عجزت عن أن تنالها أيدي الأغيار حتّى الأنبياء الأخيار ، وكان شكر المُنعم واجبا عقلاً ، وعرف أنّه لايتيسّر شكره إلّا باستعانته تعالى ، سأله المعونة بقوله : «اللهمَّ إنّي أسألك الإعانة على شكرك» فإنّ العبد أنّى له والخروج من عهدة الشكر ، وكلّ شكر نعمة اُخرى تستوجب الشكر ؟
قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض أدعيته : «كلّما قلت : لك الحمد ، وجب عليَّ لذلك أن أقول : لك الحمد» . ۱
وفي الصحيفة السجّاديّة ـ على قائلها ألف صلاة وتحيّة ـ : «اللهمَّ إنّ أحدا لايبلغ من شكرك غاية إلّا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا ، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك وإن اجتهد إلّا كان مقصّرا دون استحقاقك بفضلك ، فأشكَرُ عبادك عاجزٌ عن شكرك ، وأعبَدُهُم مقصّرٌ عن طاعتك» . ۲
وعن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «أوحى اللّه إلى موسى عليه السلام : اشكرني حقّ شكري ، فقال : ياربِّ فكيف أشكرك وليس من شكرٍ أشكرك به إلّا وأنت أنعمت به عليَّ؟ قال :

1.الصحيفة السجاديّة (أبطحي) ، ۴۰۹ ، في مناجات الشاكرين الدعاء ۱۸۷ ؛ بحارالأنوار ، ج ۹۱ ، ص ۱۴۶ ، المناجات السادسة.

2.الصحيفة السجاديّة ، ص ۱۶۲ ، الدعاء ۳۷.

صفحه از 280