شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 250

ياموسى الآن شكرتني حين علمت أنّ ذلك منّي» . ۱
ويظهر من هذا أنّ البلوغ إلى منتهى الشكر غير ميسّر إلّا بأن يعترف الشاكر بالعجز ، وقد جعل سبحانه ذلك العجز والاعتراف بالقصور حقيقةَ الشكر تفضّلاً منه على عباده وهو نفس الإعانة .
وأمّا ما ورد من أنّ حقّ الشكر قول «الحمدُ للّه » ، مثل ما رواه في الكافي بإسناده عن حمّاد قال : خرج أبو عبداللّه عليه السلام من المسجد وقد ضاعت دابّته ، وقال : «لئن ردّها اللّه عليَّ لأشكرنّ اللّه حقَّ شكره » قال : فما لبث أن اُتي بها ، فقال : «الحمدُ للّه » . فقال قائلٌ له : أليس قلت : لأشكرنّ اللّه حقَّ شكره؟ فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «ألم تسمعني قلت : الحمد للّه » . ۲
فمحمول على شكر تلك النعمة التي قال عليها : «الحمد للّه » ، وقد بقي عليه الحمد على الحمد .
وهكذا يرشد إلى ذلك ما رواه بإسناده عن معمّر بن خلّاد قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : «مَن حمد اللّه على النعمة فقد شكره ، وكان الحمد أفضل من تلك النِّعمة» . ۳
أراد عليه السلام ـ واللّه أعلم ـ أنّ الحمد نعمة فوق تلك النعمة يستدعي فوق النعمة حمدا آخرا .
وهكذا أيضا ما رواه عن رجل عن أبي عبداللّه عليه السلام : «مَن أنعم اللّه عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد شكرها» . ألا ترى إلى قوله : «فقد شكرها» . ۴
وممّا ينصّ على ما ذكرناه ـ من أنّ غاية الشكر إنّما هو الاعتراف بالقصور ـ ما رواه أيضا مرفوعا عن زين العابدين عليه السلام إذا قرأ هذه الآية «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَا»۵ ،

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۸ ، باب الشكر ، ح ۲۷ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۷۰ ، الفصل السادس ؛ بحارالأنوار ، ج ۱۳ ، ص ۳۵۱ ، ح ۴۱.

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۷ ، باب الشكر ، ح ۱۸ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۸ ، ص ۳۳ ، ح ۱۳.

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۶ ، باب الشكر ، ح ۱۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۸ ، ص ۳۱ ، ح ۸ .

4.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۷ ، باب الشكر ، ح ۱۵ ؛ تحف العقول ، ص ۳۶۹ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۸ ، ص ۳۲ ، ح ۱۰.

5.إبراهيم (۱۴) : ۳۴ .

صفحه از 280