شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 251

كان يقول : «سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمته إلّا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، كما لم يجعل (لم يعقل) في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنّه لا يدركه ، فشكره تعالى حينئذٍ معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره ، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا ، كما جعل علم العالمين أنّه لا يدركونه علما حقّا ؛ علما منه أنّه قد وسع العباد ، فلايتجاوز ولايحاط علما ، فشيء من خلقه لا يبلغ مدى عبادته ، وكيف يبلغ مدى عبادة من لا مدى له ولا كيف؟ تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا» . ۱
واعلم أنّ الشكر يقع باللسان والجنان ، وقد عرفت ذلك ، وبالأركان كما رواه بإسناده عن ابن مسكان عن أبي عبداللّه عليه السلام : «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم كان في سفر يسير على ناقة له إذ نزل ، فسجد خمس سجدات ، فلمّا ركب قالوا : يارسول اللّه ، إنّا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه؟ فقال : نعم ، استقبلني جبرئيل ، فبشّرني ببشارات من اللّه عزّ وجلّ ، فسجدت له شكرا لكلّ بشرى سجدةً» . ۲
وعنه عليه السلام قال : «إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه عزّ وجلّ فليضع خدّه على التراب شكرا للّه ، فإن كان راكبا فلينزل ، فإن لم يقدر فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على كفّه ، ثمّ ليحمد اللّه على ما أنعم عليه» . ۳
ومثل ذلك كثير ، ۴ وباعتبار عموم مورده صار أعمّ من الحمد الذي هو الثناء على الجميل الاختياري ، ولا يكون الثناء إلّا باللِّسان . نعم ، يتعاكسان بحسب المتعلّق فيعمّ الحمد ؛ لأنّه يكون في غير مقابلة النعمة كما يكون في مقابلتها ، والشكر يختصّ بالمقابلة .
وللشكر مورد رابع وهو إظهار النعمة «فإنّ اللّه سبحانه جميلٌ يحبّ الجمال» ۵ وقد

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۳۹۴ ، باب دعاء إبراهيم للمؤمنين ، ح ۵۹۲ ؛ تحف العقول ، ص ۲۸۴ ؛ بحارالأنوار ، ج ۷۵ ، ص ۱۴۱ ، ح ۳۶.

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۸ ، باب الشكر ، ح ۲۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۷ ، ص ۱۸ ، ح ۸۵۹۰ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۹۸ ، باب الشكر ، ح ۲۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۷ ، ص ۱۹ ، ح ۸۵۹۲ .

4.انظر وسائل الشيعة ، ج ۷ ، ص ۱۸ ، الباب ۷ من أبواب سجدتي الشكر.

5.هذا ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام ، انظر الكافي ، ج ۶ ، ص ۴۳۸ ، باب التجمّل... ، ح ۱ و ۴.

صفحه از 280