شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 255

ثمّ عزّز صلى الله عليه و آله وسلم السؤالين بثالث فقال :
(وأداءَ حَقِّكَ) وهو أمرٌ عظيم ، وخطره جسيم ، لايقوم به إلّا مثله ممّن عصمه اللّه تعالى . ففي سؤاله أداءَ حقّه سؤالٌ لسببه التي هي العصمة ؛ أعني الثبات عليها ، فعن أبي الحسن عليه السلام قال : «أكثر من أن تقول : اللهمَّ لا تجعلني من المعارين ، ولا تخرجني من التقصير» .
قال : قلت : أمّا المعارين فقد عرفت أنّ الرجل يعار الدين ، ثمّ يخرج منه ، فما معنى لاتخرجني من التقصير؟
فقال : «كلّ عملٍ تريد به اللّه فكن فيه مقصّرا عند نفسك ، فإنّ الناس كلّهم في أعمالهم فيما بينهم وبين اللّه مقصّرون إلّا من عصمه اللّه » . ۱
أقول : هذا إذا اُريد بالحقّ الحقّ الذي أوجبه اللّه سبحانه على عباده وفرضه عليهم ، وأمّا الحقّ الذي يستوجبه ويستحقّه تعالى فأمر كالشكر لا يؤدّى إلّا بالعجز عن أدائه ، سواء فيه المعصومون وغيرهم ، بل حقّه على المعصوم بإزاء ما منحه من نعمه العظام فهو أعلى وأدقّ .
فعنه عليه السلام قال لبعض ولده : «يا بُنيَّ عليك الجدّ ، لا تخرجنّ نفسك عن حدّ التقصير في عبادة اللّه وطاعته ؛ فإنّ اللّه تعالى لا يعبد حقّ عبادته» . ۲
وعن جابر قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : «يا جابر ، لا أخرجك اللّه من النقص والتقصير» . ۳
وعن أبي الحسن عليه السلام قال : «إنّ رجلاً من بني إسرائيل عبدَ اللّه أربعين سنة ، ثمّ قرّب قربانا فلم يُقبل منه ، فقال لنفسه : ما اُتيت إلّا منك ، وما الذنب إلّا لك» . قال : «فأوحى اللّه إليه : ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة» . ۴
وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «ربِّ لا اُحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك» . ۵

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۷۳ ، باب الاعتراف بالتقصير ، ح ۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۹۶ ، ح ۲۲۸.

2.الأمالي للطوسي ، ص ۲۱۱ ، ح ۳۶۷ ، المجلس ۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۹۵ ، ح ۲۲۷.

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۷۲ ، باب الاعتراف بالتقصير ، ح ۲ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱ ، ص ۹۶ ، ح ۲۳۰.

4.الكافي ، ج ۲ ، ص ۲۳ ، باب الاعتراف بالتقصير ، ح ۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۳۲، ح ۲۰۳۵۷.

5.عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۱۱۳ ، ح ۱۷۶ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ۴، ص ۳۲۱ ، ج ۴۷۸۴ .

صفحه از 280