شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 257

أقول : على المعنيين الأوّلين يكون من صفات الذات ، والآخرين من صفات الفعل .
قيل : وإذا كان معرّفا باللام اختصّ إطلاقه به تعالى ، وإلّا كان مشتركا . 1
وقيل : لا يستعمل لغيره تعالى إلّا مضافا كربّ الدار ، 2 ولعلّ في حذفه صلى الله عليه و آله وسلمضميره إيماءً إلى استغراقه وفنائه بحيث لا يعدّ نفسه شيئا .
وعلى هذا فلغة نيّة قطعه ـ فيضمّ ـ أبلغ وأشدّ استغراقا ، وبيان اللغات الواردة فيها موكولٌ لمحلّه .
(قَلْبا سَليما) وهو المسؤول الأوّل ، وقدّمه وضعا لتقدّمه طبعا وإيجادا . وفي الحديث : «خلق اللّه الأرواح قبل الأجساد بألفي عام » وورد أقلّ وأكثر.
والكلام فيه وفي تعيين العامّ من أنّها عامّ عالم الربوبيّة «وَإِنَّ يَوْما عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» 3 ، أو الإلهيّة ، فاليوم خمسون ألف سنة أو غير ذلك ليس هذا موضعه .
والقلب يُقال تارةً على اللحم الصنوبري المشكّل المودع في الجانب الأيسر من الصدر ، وفي باطنه تجويف ، وفي ذلك التجويف دم أسود هو منبع الروح الحيواني ، وليس كلامنا فيه ؛ ويُقال على اللطيفة الربّانيّة الروحانيّة ، لها تعلّق بذلك القلب ، وتتعلّق بسائر البدن بتلك الواسطة ، حتّى أنّه شبّه بعضهم هذه اللطيفة بالملك ، والقلب بالمعنى الأوّل بعرشه ، والصدر بكرسيّه ، وباقيَ أعضاء البدن وعضلاته وقواه بجنوده ، وفيه له أعوان وأضداد ، فهذا الإهاب بما فيه عالم على نسق العالم الكبير ، وربّما نسب إلى سيّد العارفين وأمير المؤمنين قوله :

دواؤك فيك وما تُبصرُوداؤك منك وما تشعرُ
وتزعمُ أنّك جرمٌ صغيروفيك انطوى العالم الأكبرُ 4
وربّما زيد على ذلك ، ونسب إليه قوله :

وأنت الكتاب المبينالذي بأحرفه يظهر المضمرُ

1.تاج العروس ، ج ۲ ، ص ۴ (ربب).

2.مشرق الشمسين ، ص ۳۹۹.

3.الحجّ (۲۲) : ۴۷ .

4.ديوان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، ص ۲۳۶ ، الرقم ۱۵۸ ، انظر أيضا مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۴۸ ، (أنس) ، الصافي ، ج ۱ ، ص ۷۸ في تفسير الآيه ۲ من سورة البقرة.

صفحه از 280