شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 259

الدخان المظلم المتصاعد إلى مرآة ، ولا يزال يتراكم على جوهرها حتّى يسودّ ويظلم .
وكذلك القلب ، ودخانه المتراكم عليه هو الذنوب والآصار والأهواء المضلّة عن صراط الأبرار ، فيصير محجوبا بالكلّيّة وهو الطبع ، نعوذ باللّه منه ، قال تعالى : «أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ»۱ ، فربط تعالى عدم السماع والطبع بالذنب ، كما ربط السماع والعلم بالتقوى قال : «وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُوا»۲ ، «وَاتَّقُوا اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللّهُ»۳ .
والطبع هو الرين في قوله تعالى : «كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»۴ .
وينتهي حدّ الطبع بتراكم الكدر إلى الاسوداد ، وانقلاب أعلاه أسفله ؛ قال صلى الله عليه و آله وسلم : «قلب المؤمن أزهر أجرد ، وقلب الكافر أسود منكوس» .
وعن الباقر عليه السلام : «إنّها أربعة : قلبٌ فيه نفاق وإيمان ، وقلب منكوس ، وقلب مطبوع ، وقلب أزهر أجرد» .
قال : «فأمّا المطبوع فقلب المنافق ، وأمّا الأزهر فقلب المؤمن إن أعطاه شكر ، وإن ابتلاه صبر ؛ وأمّا المنكوس فقلب المشرك » ثمّ قرأ هذه الآية «أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»۵ .
«وأمّا القلب الذي فيه إيمان ونفاق ، فهو قومٌ كانوا بالطائف إن أدركه أجله على نفاقه هلك ، وإن أدركه على إيمانه نجا» . ۶
وفي حديث آخر عنه عليه السلام : «إنّها ثلاثة» ۷ فأدخل القلب المطبوع ـ وهو قلب المنافق ـ تحت الذي فيه نفاق وإيمان ؛ لأنّه أخصّ به .
ويوجد في بعض الأخبار : «أنّ من القلوب قلبا يكون في الساعة من الليل

1.الأعراف (۷) : ۱۰۰ .

2.المائدة (۵) : ۱۰۸ .

3.البقرة (۲) : ۲۸۲ .

4.المطففين (۸۳) : ۱۴ .

5.المُلك (۶۷) : ۲۲ .

6.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۲ ، باب في ظلمة قلب المنافق ، ح ۲ ؛ معاني الأخبار ، ص ۳۹۵ ، ح ۵۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۷ ، ص ۵۱ ، ح ۱۰.

7.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۲ ، باب في ظلمة قلب المنافق ، ح ۳ ؛ معاني الأخبار ، ص ۳۹۴ ، ح ۵۰ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۷ ، ص ۵۱ ، ح ۹.

صفحه از 280