تعالى : «قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ»۱ . ۲
ولعلّه عليه السلام أراد بإعادتهم طينا إظهاره إيّاهم في عالم الخلق ، فإنّ ذلك العالمٍ ـ عالمَ الأمر ـ ملكوتي متقدّم على هذا العالم . روى هذا الخبر في الكافي ، وعدّة من أخبار اُخر متوافقة الدلالة ، يضيق المقام عن بسطها .
وفي بعضها : «لمّا أمر أهل الشمال بالدخول ودنوا أصابهم الوهج ، فرجعوا وقالوا : ياربّنا لا صبرَ لنا على الاحتراق فعصوا ، وأمرهم بالدخول ثلاثا ، كلَّ ذلك يعصون ويرجعون» . ۳
وفي بعضها : «ما بعث منهم النبيّين فدعوهم إلى الإقرار باللّه عزّ وجلّ ، وهو قوله : «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ»۴ ، ثمّ دعوهم إلى الإقرار بالنبيّين ، فأقرّ بعضهم وأنكر بعضهم ، ثمّ دعوهم إلى ولايتنا فأقرَّ بها مَن أحبّ ، وأنكرها مَن أبغض ، وهو قوله تعالى : «فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ»۵ ».
قال أبو جعفر عليه السلام : «كان التكذيب» . ۶
ثمّ أقول : لعلّ المراد بتلك النار هذا التكليف الذي عزم عليه في أوّل الدعوة أفاضل الأنبياء ، فسُمّوا اُولي العزم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ونبيّنا صلّى اللّه عليه وآله وعليهم ، وكان قد تقدّمهم كما مرّ ؛ هذا .
والمراد باللطيفة الربّانيّة في الكافر والمنافق ـ الذين هم أهل الشمال ـ القدر الذي عندهم من العقل التكليفي ، فلهم حظّ من عالم الجبروت ، ولولاه لم يكلّفوا ، وهو نور ضعيف سريع الانطفاء بأدنى هبوب .
1.الزخرف (۴۳) : ۸۱ .
2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۷ ، باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الأوّل ، ح ۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۹۷ ، ح ۱۵.
3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۱ ، باب أن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أوّل من أجاب ، ح ۲ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۱۲۲ ، ح ۲۵.
4.الزخرف (۴۳) : ۸۷ .
5.يونس (۱۰) : ۷۴ .
6.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۰ ، باب آخر و فيه زيادة وقوع التكليف الأوّل ، ح ۳ ؛ علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۱۱۸ ، الباب ۹۷ ، ح ۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵ ، ص ۲۴۴ ، ح ۳۴.