شرح دعاء النبي صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏ آله بعد الصلاة - صفحه 262

وأمّا نور المؤمن ، فكما قد جاء عنهم عليهم السلام : «وقلب مفتوح فيه مصابيح تزهر ، لا يطفى نوره إلى يوم القيامة وهو قلب المؤمن» . ۱
وعنهم عليهم السلام : «إنّ اللّه خلق قلوب المؤمنين مبهمة على الإيمان ، فإذا أراد استنارة ما فيها ، فتحها بالحكمة ، وزرعها بالعلم ، والزارع لها والقيّم ربّ العالمين» . ۲
وفي بعض النسخ استثاره بالتاء المثنّاة ثمّ الثاء المثلّثة ، ولعلّه أولى ؛ لأنّ نورها ذاتي وإن كان قد يقع عليه سحاب من خارج وحُجُب عارضة ، فعن سلام بن المستنير قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء ، فلمّا همَّ حمران بالقيام ، قال لأبي جعفر عليه السلام : اُخبرك ـ أطال اللّه لنا بقاءك وأمتعنا بك ـ أنّا نأتيك فما نخرج من عندك حتّى ترقّ قلوبنا ، وتسلو أنفسنا عن الدنيا ، ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الاُمور ، ثمّ نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجّار أحببنا الدنيا ؟
قال : فقال أبو جعفر عليه السلام : «أما إنّ أصحاب محمّد قالوا : يارسول اللّه ، نخاف علينا النفاق» .
قال : «فقال رسول اللّه : ولِمَ تخافون؟
فقالوا : إذا كنّا عندك فذكّرتنا ورغّبتنا وجِلنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتّى كأنّا نعاين الآخرة والجنّة والنار ونحن عندك ، وإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت ، وشممنا الأولاد ، ورأينا العيال والأهل ، يكاد أن نحول عن الحال التي كنّا عليها عندك ، وحتّى كأنّا لم نكن على شيء ، أفنخاف علينا النفاق ، وأنّ ذلك النفاق؟
فقال لهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : كلّا ، إنّ هذه خطوات الشيطان فيرغّبكم في الدنيا ، واللّه لو ترون التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ، ولمشيتم على الماء ، ولولا أنّكم تذنبون وتستغفرون لأتى اللّه بخلقٍ يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم ، إنّ المؤمن مفتّن

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۳ ، باب في ظلمة قلب المنافق ، ح ۳ ؛ معاني الأخبار ، ص ۳۹۵ ، ح ۵۰ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۷ ، ص ۵۱ ، ح ۹.

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۲۰ ، باب سهو القلب ، ح ۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۶۶ ، ص ۳۱۸.

صفحه از 280