شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 324

اللّه و، أما سمعت اللّه يقول: «وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً» ». 1
أقول: فيه ـ و في بعض ما مرَّ ـ دلالة على دخول الغناء في قسم الباطل و اللّه و و اللعب و اللغو، فجميع ما ورد من الآيات و الروايات في ذلك دالّة على المقصود هنا. و قوله: «لأهل الحجاز فيه رأي» وجهه أنّهم كانوا يتغنّون أيّام التشريق. قال أبو طالب المكّي من العامّة في كتاب قوت القلوب في سياق الاحتجاج على إباحة الغناء:
و لم يزل أهل الحجاز عندنا بمكّة يسمعون السماع في أفضل أيّام السنة، و هي الأيّام المعدودات التي أمر اللّه تعالى عباده فيها بذكره. 2 و كانت لعطاء جاريتان تلحّنان، فكان إخوانه يستمعون إليهماـ قال:ـ و لم يزل أهل المدينة مواظبين كأهل مكّة على سماع الغناء إلى زماننا هذا؛ فإنّا أدركنا أبا مروان القاضي و له جوار يسمعن التلحين قد أعدّهنّ للمتصوّفين. 3
انتهى.
و قد تبيّن من الأحاديث المذكورة تحريم الغناء، و عرفت كثرة الأدلّة و تواتر النصوص و تعاضدها و صحّتها إجماعا من الأصوليّين و الأخباريّين. و اللّه أعلم.

الفصل الثامن : في بعض ما يستفاد من أحاديث التحريم من المبالغة و التأكيد

من نظر في الأحاديث المذكورة و الأدلّة السابقة المسطورة بعين الاعتبار و الإنصاف، و ترك التعصّب و الاعتساف، و أعرض عن تقليد السادات و الكبراء، و كان غرضه تحقيق الحقّ دون محض المراء، حصل له العلم بطريق القطع و اليقين بأنّ عموم تحريم الغناء في القرآن و غيره من مذهب الأئمّة المعصومين. مع أنّ ما أوردناه من أحاديثهم عليهم السلام قليل من كثير، و نقطة من غيث غزير. و فيما أوردناه من التأكيد ما لا يحتاج معه إلى مزيد، أ لا ترى أنّ:

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲، ص ۱۲۸، ح ۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۷، ص ۳۰۸، أبواب ما يكتسب به، الباب ۹۹، ح ۱۹.

2.فى قوله تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودَ تٍ ...» . البقرة (۲): ۲۰۳.

3.قوت القلوب، ج ۲، ص ۶۲، وحكاه الغزّالي عن أبى طالب المكّى فى إحياء علوم الدين، ج ۲، ص ۲۹۳.

صفحه از 348