عندهم الغناء و الرقص و الصفق و نحوها عبادة، بل أعظم العبادات. و ما ذاك إلّا لأنّه من قاعدة الصوفية من العامّة، و قد انتسبوا إليهم فلزمهم اتّباعهم، و صاروا ملحقين بهم في الدنيا و الآخرة.
و العجب من القياس الذي اعتمد عليه الغزّالي في إباحة الغناء، حيث قال:
«إنّه صوت طيّب موزون مفهّم محرّك للقلب» ۱ و مراده بالموزون ـ كما ذكره ـ ما كان فيه تناسب بحسب المبدأ و المقطع، قال:
و ليس بحرام باعتبار كونه طيّبا بالعقل و النقل، و لا باعتبار كونه موزونا؛ لتحقّق هذا المعنى في أصوات الطيور كصوت العنادل و القماري و ذوات السجع من الطيور، مع طيبها و كونها موزونة، و هي ليست بحرام. و كذا وصف التفهيم و تحريك القلب ليس بحرام، فلا يكون المجموع حراما؛ إذ لم يعرض للمجموع وصف يقتضي ذلك. ۲
و لا يخفى ما في هذا القياس من التلبيس و التمويه و الضعف الذي لا يحتاج إلى تنبيه، مع بطلان مطلق القياس، و ثبوت النصوص الصحيحة الصريحة على خلافه هنا.
و أضعف من ذلك ما ألّفوه من المنامات الموضوعة و الأكاذيب الباطلة. و إنّما أرادوا بذلك ترويج مذهبهم في قلوب عوامّ الناس و جهّالهم و ضعفاء العقول منهم؛ فإنّهم يميلون إلى مثل هذه الأكاذيب. و مثل ذلك كثير في كتب العامّة. نسأل اللّه العصمة من الخروج عن طريق أصحاب العصمة.
الفصل الثاني عشر : في الإشارة إلى بعض ما انتهت إليه الحال بسبب تقليد أهل الضلال
هذا الانتساب الشنيع من بعض الشيعة إلى أعداء أهل البيت عليهم السلام لم يكن له وجود في عهد الرسول و لا في عهد الأئمّة عليهم السلام إلى قريب من زماننا هذا، كما لا يخفى على من
1.إحياء علوم الدين، ج ۲، ص ۲۹۴.
2.إحياء علوم الدين، ج ۲، ص ۲۹۵ ـ ۲۹۶ مع اختلاف فى الألفاظ.