شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 293

الأخباريّين جميعا، و بحثهم عن أحوال الرواة. و لتحقيقه محلّ آخر.
الرابع: إنّه ضعيف لمخالفته لإجماع الشيعة، بل لإجماع الأئمّة عليهم السلام ؛ فإنّ هذا الإجماع قد علم دخول المعصومين عليهم السلام فيه بالأحاديث الصحيحة المتواترة معنى.
و ممّن صرّح بنقل هذا الإجماع هنا عن علماء الإمامية الشيخ في الخلاف، ۱ و العلّامة ۲ و ابن إدريس ۳ و غيرهم من المتقدّمين و المتأخّرين و المعاصرين، بل ذكروا أنّه من ضروريات المذهب كالمسح على الرجلين. و نقلوا القول بتحريم الغناء أيضا عن أكثر الصحابة. و لا أعلم أحدا من علمائنا يقول بجواز الغناء في هذه الصورة، بل صرّحوا بتحريم الغناء فيها. و من أراد الوقوف على عباراتهم فليرجع إلى كتبهم، و لم أنقلها كراهة الإطالة و لشهرتها و سهولة الرجوع إليها. و هذا الإجماع هنا حجّة قطعا، و يدلّ على حجّيته جميع الأدلّة المذكورة في الأصول. و من حيث العلم بدخول المعصوم هنا بالأحاديث المتواترة معنى يدلّ على حجّيته جميع أدلّة الإمامة و براهين العصمة، و ناهيك بذلك.
و يضاف إلى ما ذكرناه أحاديث كثيرة واردة في كيفيّة الجمع بين الأحاديث المختلفة من قولهم عليهم السلام : «خذ بالمجمع عليه بين أصحابك؛ فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه، و دع الشاذّ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك»، ۴ و غير ذلك.
و وجه إطلاق الأئمّة عليهم السلام مثل هذا الكلام ظاهر، و هو أنّه كانت عادة قدماء الشيعة أن لا يعملوا إلّا بنصّ من الأئمّة عليهم السلام ، و إذا لم يجدوا نصّا عملوا بالاحتياط، و هو أيضا مرويّ عنهم عليهم السلام مأمور به عدّة أحاديث، فمن المحال أن يجمعوا على حكم غير ثابت من معصوم عموما أو خصوصا، و في مقام اختلاف الحديث لا يعملون إلّا بالراجح، فمن المحال إجماعهم على المرجوح باعتبار قاعدتهم المستمرّة.

1.الخلاف، ج ۶، ص ۳۰۵ ـ ۳۰۶، المسألة ۵۴: «الغناء محرم... دليلنا إجماع الفرقة».

2.أجوبة المسائل المهنائية، ص ۲۵، المسألة ۸ .

3.السرائر، ج ۲، ص ۱۲۰: «الغناء عندنا محرّمٌ، يفسق فاعله و تردّ شهادته».

4.الكافي، ج ۱، ص ۶۷، باب اختلاف الحديث، ح ۱۰.

صفحه از 348