شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 294

الخامس: إنّه ضعيف لموافقته لمذهب العامّة، فيجب حمله على التقيّة و العمل على ما يعارضه، لقوّته بمخالفة العامّة و عدم احتمال التقيّة، كما أمر به الأئمّة عليهم السلام في الجمع بين الأحاديث المختلفة؛ بل هذا أقوى وجوه الترجيح؛ لأنّ سبب اختلاف الأحاديث هو ضرورة التقيّة في أكثر مواضعه إن لم يكن كلّها. و قد نقل القول بإباحة الغناء عن معاوية و المغيرة بن شعبة و ابن الزبير و عبد اللّه بن جعفر، ۱ و كان ذلك يعدّ من مطاعن معاوية. و قال عزّ الدين ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:
ما ينسب إلى معاوية من شرب الخمر سرّا لم يثبت؛ لاختلاف أهل السيرة فيه، إلّا أنّه لا خلاف في أنّه كان يستمع الغناء.۲
و في بعض التواريخ: أنّ عبد اللّه بن جعفر كان يعيّر بهذا القول في زمانه حتّى من عمرو بن العاص و أمثاله. ۳
و قد نقل الشيخ في الخلاف عن أبي حنيفة و مالك و الشافعي كراهة الغناء و عدم تحريمه. ۴ و حكى بعضهم عن مالك إباحته من غير كراهة. ۵ و حكى أبو حامد الإسفرائيني من فقهاء الشافعية إجماعهم على إباحته. ۶ و حكى القاضي أبو الطيّب الطبري عن الشافعي و مالك و أبي حنيفة و سفيان و غيرهم ألفاظا استدلّ بها على أنّهم رأوا تحريمه. ۷ و حكى عن الشافعي أيضا أنّه قال: «الغناء لهو مكروه يشبه الباطل، من استكثر منه ]فهو سفيه [تردّ شهادته». ۸ و نقل تفاصيل أقوالهم تطويل من غير طائل، لكن يعلم أنّ كثيرا منهم قائل بالإباحة، و ذلك دليل على التحريم لما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

1.راجع بوراق الإلماع، ص ۱۲؛ العقد الفريد، ج ۶، ص ۱۶ ـ ۱۷ .

2.شرح نهج البلاغة، ج ۱۶، ص ۱۶۱. و فيه: «... ونقل الناس عنه فى كتب السيرة أنّه كان يشرب الخمر فى أيام عثمان فى الشام، وأمّا بعد وفاة أمير المؤمنين واستقرار الأمر له، فقد اختلف فيه؛ فقيل: إنّه شرب الخمر فى ستر، وقيل: إنّه لم يشربه، ولا خلاف فى أنّه سمع الغناء وطرب عليه».

3.بوارق الإلماع، ص ۱۲ ـ ۱۳ نقلاً عن الحاوى الكبير للماوردى.

4.الخلاف، ج ۶، ص ۳۰۵، المسألة ۵۴.

5.الردّ على من يحبّ السماع، ص ۲۷ ـ ۳۲ .

6.الردّ على من يحبّ السماع، ص ۲۷، نقلاً عن أدب القضاء للشافعى .

صفحه از 348