شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 296

فاقبلوها.ـ ثمّ قال:ـ حلال بيّن، و حرام بيّن و شبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما بان له أترك. و المعاصي حمى اللّه (عزّ و جلّ)، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها. 1
و الأحاديث في ذلك كثيرة جدّا.
الثامن: إنّه ضعيف لمخالفته للأصل، فإنّه يقتضي عدم التخصيص و التقييد و إبقاء العموم على حاله، و كذا الإطلاق، و لا ريب في وجوب العمل بلفظ العموم حتّى يتحقّق تخصيصه، و بالمطلق حتّى يثبت تقييده، و لم يتحقّق هنا؛ لكثرة الاحتمالات و التأويلات الآتية لهذا الحديث.
التاسع: إنّه ضعيف لمخالفته للقاعدة المعلومة من وجوب الحمل على الحقيقة، و هذا يستلزم الصرف عنها و استعمال لفظ العامّ في معنى الخصوص، فيلزم إرادة المجاز من جميع أحاديث الغناء؛ بناء على ما هو الأصحّ من أنّ لفظ العامّ حقيقة في العموم مجاز في الخصوص. و هذا المجاز لا قرينة له.
و هذا الوجه و ما قبله على تقدير قطع النظر عن معارضة الخاصّ الآتي؛ فإنّه يعارضه و يقاومه فيتساقطان، بل يرجّح عليه، فيبقى العموم على حاله.
العاشر: إنّه ضعيف أيضا لمخالفته لضرورة المذهب؛ فإنّ تحريم الغناء من ضروريات مذهب الإمامية، كما عرفت، و عرف كلّ موافق للإمامية أو مخالف لهم إذا أنصف.
الحادي عشر: إنّه ضعيف أيضا لمخالفته للدليل الخاصّ الصريح في معارضته، و ستعرفه و تعرف قوّته، بحيث لو كان وحده لكفى في المعارضة، فكيف إذا تأيّد بالأحاديث المتواترة و أكثر الأدلّة الشرعية.
الثاني عشر: إنّه ضعيف أيضا لمخالفته لمجموع ما تقدّم و يأتي من الأدلّة، و بعضها كاف، بل كلّ واحد منها شاف لمن لم يغلب عليه حبّ الهوى و التقليد للسادات و الكبراء، فكيف إذا اجتمع الجميع.

1.الفقيه، ج ۴، ص ۷۵، ح ۵۱۴۹؛ نهج البلاغة، ص ۴۸۷، الحكمة ۱۰۵.

صفحه از 348