شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 303

تأمّلا». ۱
و أمّا عبد اللّه بن سنان فهو ثقة من أصحابنا جليل، لا يطعن عليه في شيء، قال فيه الصادق عليه السلام : «أما إنّه لا يزيد على السنّ إلّا خيرا». ۲ هكذا ذكره علماؤنا في الرجال، و قالوا: إنّ له كتبا رواها عنه جماعات من أصحابنا؛ لعظمه في الطائفة و ثقته و جلالته، ۳ و إنّ ممّن روى كتبه ابن أبي عمير، ۴ الذي أجمعت الطائفة على تصحيح ما يصحّ عنه.
فهذه جملة من القرائن التي تستفاد من سند هذا الحديث الشريف، مضافا إلى القرائن الخارجة السابقة؛ فإنّ جميع الوجوه الدالّة على تضعيف الحديث السابق دالّة على تصحيح هذا الحديث. فلينصف الناظر ليعرف التفاوت بين هذين الحديثين باعتبار سندهما و مضمونهما.

الفصل الخامس : في الكلام على متن الحديث المذكور، و ما يستفاد منه

هذا الحديث الشريف يدلّ على تفسير الغناء بالصوت المشتمل على الترجيع المطرب، كما فسّروه به في كتب الفقه، و ربما دلّ على تفسيره بالترجيع مطلقا و إن لم يطرب، كما فسّره به جماعة، لعدم التصريح فيه باعتبار الطرب، و يدلّ على شمول التحريم لما كان في القرآن منه، و أنّ الغناء يحصل بترجيعه. و قد فسّروا الطرب بالخفّة التي تصيب الإنسان لشدّة حزن أو سرور. ۵
و يستفاد من صريح هذا الحديث أنّ هذا الفعل محرّم، فلا مجال عند الإنصاف للتشكيك فيه؛ لدلالته على أنّ هذا الفعل كفعل أهل الفسوق و الكبائر، و عدم جواز التراقي و قلب قلوبهم و قلوب من يعجبه فعلهم. و أيّ مبالغة أعظم من ذلك في الترهيب عنه و التنفير منه و الحكم بتحريمه. و هل قلب القلوب إلّا علامة الكفر أو

1.الوجيز فى الدراية، ص ۱۰ .

2.رجال الكشى، ج ۲، ص ۷۱۰، ح ۷۷۱.

3.رجال النجاشى، ص ۲۱۴، رقم ۵۵۸.

4.فهرست الطوسى، ص ۱۹۲، رقم ۴۱۰ .

5.مجمل اللغة، ج۱، ص ۵۹۶؛ الصحاح، ص ۱۷۱، «طرب».

صفحه از 348