شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 304

النفاق؟ كما هو مذكور مأثور. ۱
و أمّا تخصيص من خصّه بمن يلعب بالملاهي فباطل لا وجه له؛ إذ لا يعهد أن يقرأ أحد القرآن لاعبا بالمثاني ۲ و العود و الطنبور. و يلزم تخصيص الغناء في جميع أقسامه بهذه الصورة لاتّحاد الطريق، و هو خلاف النصّ و الإجماع حيث دلّا على تحريم كلّ ما يصدق عليه الغناء. و هذا التخصيص مذهب بعض الملاحدة و الصوفية من المخالفين كالغزّالي و أضرابه؛ فإنّه خصّه بما يعمل في مجالس الشرب؛ ۳ لإعراضهم عن قبول المأثور عن الأئمّة عليهم السلام ، و قلّده في ذلك من أحسن الظنّ به و بأمثاله من أعداء اللّه و أعداء أهل البيت عليهم السلام . مع أنّ هؤلاء قد أساؤوا الظنّ بالأئمّة و شيعتهم، فدخل الشيطان على بعض ضعفاء الشيعة حتى أحسنوا الظنّ بهم، فصاروا يقبلون كلامهم و إن خالف كلام أهل العصمة. و من أنصف جزم بصحّة هذا الكلام و صدق النقل عنهم.
و بالجملة، فالغناء صادق على الترجيع المذكور ألبتّة؛ لأنّه مطابق لنصّ أهل اللغة و الفقهاء، و موافق للعرف في بلاد العرب و غيرها، بل يفهم من كلام الصوفية أنّ مثله غناء و إن انفرد عن مجالس الشرب و الملاهي، حيث قالوا: «إنّ من أسباب الجذبة التي تحصل للمريد سماع الغناء». ۴
و على كلّ حال، فكونه غناء على التعريفين لا شكّ فيه لمن ترك التعصّب للباطل. و الغناء حيث صدق محرّم بالكتاب و السنّة و الإجماع، كما سبق.
و الألحان و الأصوات و النغمات ألفاظ متقاربة المعاني، و تصدق مع الغناء و غيره، و المحرّم منها ما كان غناء، كما مرَّ تعريفه. و أمّا فهم المعنى المنهيّ عنه من لفظ «الألحان» هنا فهو ناشئ من قلّة المعرفة بتراكيب الفصحاء؛ لأنّه عبّر ب «لحون العرب و أصواتها» أوّلاـ و العطف تفسيريـ و ب «لحون أهل الفسوق» ثانيا، فعلم أنّ اللحون

1.بحارالأنوار، ج ۷۰، ص ۵۰ ـ ۵۲، ح ۹ ـ ۱۰، نقلاً عن معانى الأخبار.

2.«المثنى من الأوتار: الذى بعد الأوّل، ج: مَثانٍ» (المعجم الوسيط، ج ۱، ص ۱۰۲، «ثنى»).

3.إحياء العلوم الدين، ج ۲، ص ۲۹۶.

4.مرصاد العباد، ص ۳۶۴.

صفحه از 348