شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 306

حاصل على كلّ حال، و هو تحقّق الغناء في القرآن و تحريمه فيه.
و أكثر تحقيقات هذا الفصل مأخوذة من رسالة كتبها على هذا الحديث بعض المحقّقين من مشايخنا المعاصرين ۱ (أيّده اللّه تعالى). و اللّه أعلم.

الفصل السادس : في وجوه التأويل للحديث المسئول عنه

و إذ قد عرفت عموم تحريم الغناء في سائر صوره ـ عدا ما استثني بدليل خاصّ كما هو مذكور في محلّه، بل قد عرفت تحريمه في خصوص هذه الصوره ـ وجب تأويل الحديث المسئول عنه، و تعيّن صرفه عن ظاهره؛ لعدم إمكان العمل به من غير تأويل، و ذلك ممكن من وجوه اثني عشر:
أحدها: الحمل على التقيّة؛ لأنّه موافق لمذهب كثير من العامّة، و قد تقدّم ذلك، و أنّه أقوى أسباب الترجيح في الأحاديث المختلفة، كما أمر به الأئمّة عليهم السلام في مثله، ۲ و كما هو موافق للاعتبار؛ لما هو معلوم من أنّ أغلب أسباب الاختلاف في أحاديث أهل العصمة عليهم السلام مراعاتهم للتقيّة.
و ثانيها و ثالثها: أن يكون المراد بالترجيع مجرّد مدّ الصوت أو رفعه بحيث لا يتحقّق الغناء؛ لأنّ السؤال في صدر الحديث إنّما هو عن رفع الصوت، و أنّ الشيطان يوسوس للسائل إذا رفع صوته بالقرآن بأنّه يريد به الرئاء، فأمره الإمام عليه السلام بأن لا يلتفت إلى هذا الوسواس، و أن يقرأ قراءة متوسّطة، و يرفع صوته بالقرآن، فأجاز له التوسّط و رفع الصوت. فإمّا أن تكون «الواو» في «و رجّع» بمعنى «أو»، كما ذكروه في مواضع و

1.يعنى الشيخ على بن محمّد بن حسن بن الشهيد الثانى مؤلّف الدرّ المنثور، ورسالته المشار إليها هى: السهام المارقة من أغراض الزنادقه، وهذه الرسالة لم تطبع بعدُ، وقد حقّقنا الفصلين الأوّل والثانى منها وأدرجناهما فى القسم الثانى من هذه المجموعه. وقد كتب العاملى رحمه الله فى شرح الحديث مطالب فى الدرّ المنثور (ج ۱، ص ۲۵ ـ ۲۸، ۴۳ ـ ۴۷)، ثمّ أفردها فى رسالة السهام المارقة، مع زياداتٍ واختلاف مّا فى الترتيب، كما صرّح به فى مقدّمة السهام المارقة.

2.وسائل الشيعة، ج ۲۷، ص ۱۰۶ ـ ۱۰۷، ۱۱۸ ـ ۱۱۹، الباب ۹، ح ۱، ۲۹ ـ ۳۴.

صفحه از 348