شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 307

أوردوا له شواهد؛ ۱ أو يكون معنى «الواو» الجمع بين الأمرين في الجواز هنا، أي في خصوص الصورة المذكورة في السؤال؛ أو أمرا له بالأمرين في وقتين بأن يقرأ قراءة متوسّطة تارة و يرفع صوته تارة أخرى أو في آية أخرى؛ أو يكون رفع الصوت هنا بما لا يخرج عن حدّ التوسّط بأن لا يبلغ العلوّ فيستقيم معنى الجمع.
و هذا الوجه يمكن جعله وجهين باعتبار إمكان انفكاك مدّ الصوت عن رفعه، و قد ورد استعمال الترجيع في رفع الصوت و مدّه، ذكره بعض العلماء في تفسير مثل هذا اللفظ. قال صاحب كتاب قصص الأنبياءـ بعد ذكر أحاديث من طرق العامّة في قصّة الأذان ـ ما هذا لفظه:
قال أبو محمّد: سمعت الخليل بن أحمد قاضي سجستان يقول: معنى الترجيع في هذا الخبر هو الذي في الخبر الثاني حيث قال، قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ارجع فامدد من صوتك» و هو أنّه كان لا يرفع صوته فأمره بالرجوع ليقوله على مدّ من صوته فيه، و يحتمل أن يكون إنّما أمره بالرجوع ليكرّره فيحفظه، كما يعلّم المتلقّي للقرآن الآية فيكررّها عليه ليحفظها. انتهى.
و ناقل هذا التأويل و المنقول عنه من أهل اللسان و الفصاحة و المعرفة باللغة العربية و إن كانا من علماء العامّة.
و رابعها: أن يكون قوله: «و رجّع بالقرآن صوتك» استعارة تبعية، و يكون المراد مجرّد تحسين الصوت، كما أنّ الترجيع يحصل منه التحسين، فكأنّه قال: «و حسّن بالقرآن صوتك تحسينا يشبه الترجيع»؛ و قوله: «يرجّع به ترجيعا» أي يحسّن به أي بالقرآن تحسينا كالترجيع، على اعتبار مغايرة المشبّه للمشبّه به فيهما، و لا ينافيه وصف الصوت بالحسن قبل ذكر الترجيع ثانيا؛ لأنّ الحسن يحتمل التحسين فيزيد معروضه حسنا. و الضمير في «به» راجع إلى القرآن كما قلناه على هذا الوجه و الذي قبله لا إلى الصوت و إن أمكن على وجه. و حمل هذا اللفظ على الاستعارة متّجه، و

1.اُنظر مغنى اللبيب، ص ۴۶۸، الباب الأوّل، الواو المفردة (تحقيق الدكتور مازن المبارك ومحمد على حمداللّه )

صفحه از 348