شرح حديث "رجِّع بالقرآن صوتك..." - صفحه 308

قرينتها امتناع حمله على ظاهره شرعا، كما هو معلوم من مذهبهم، فنزل الامتناع الشرعي منزلة الامتناع العقلي في قولهم: «نطقت الحال بكذا».
و خامسها: أن يكون المراد بالترجيع ترديد الكلمات و تكرار الآيات؛ فإنّ ذلك يلزم منه ترجيع الصوت و الرجوع إليه مرّة بعد مرّة. و قد ورد الأمر بذلك في آيات الرحمة و العذاب و غيرها. ۱ و كونه خلاف الظاهر من الترجيع لا يضرّنا؛ لضرورة الحمل على نحوه عند تعذّر الحمل على الظاهر، و وجوب العدول إلى التأويل لقوّة المعارض و عدم احتماله للتأويل. و قد ذكر الفقهاء أنّه يكره الترجيع في الأذان إلّا للإشعار، و فسّروا الترجيع بتكرار التكبير و الشهادتين. ۲ و هو يقرب هذا الوجه. و كذلك قول أهل اللغة: إنّ «رجع الكلام تكراره، و مراجعة الخطاب معاودته». ۳ و كذلك ما تقدّم نقله عن صاحب كتاب قصص الأنبياء عليهم السلام .
و سادسها: أن يكون ذلك حثّا على كثرة قراءة القرآن و الاشتغال بتلاوته في جميع الأوقات، كما ورد الأمر به في أحاديث كثيرة؛ ۴ إذ يلزم منه ترجيع الصوت، كما مرَّ، فاستعمل اللفظ و أريد به ملزوم معناه. و لهذا الاستعمال نظائر كثيرة في مواضعها مذكورة.
و هذا الوجه قريب من الوجه الذي قبله، و هما من وجوه المجاز لهذا اللفظ. و ربما يقرّب هذا الوجه ما تضمّنه السؤال من أنّ الشيطان يوسوس له بإرادة الرئاء، ليمنعه من قراءة القرآن، فاقتضت الحكمة مجاهدة الشيطان و تحصيل ضدّ مقصوده؛ لئلّا يطمع في المكلّف.
و سابعها: أن يكون المراد بترجيع الصوت بالقرآن قراءته على وجه الحزن، كما ورد الأمر به صريحا في قولهم عليهم السلام : «إنّ القرآن نزل بالحزن، فاقرأوه بالحزن». ۵ و وجهه

1.انظر وسائل الشيعة، ج ۶، ص ۱۶۵ ـ ۲۶۰، أبواب قراءة القرآن.

2.غاية المراد، ج ۱، ص ۱۳۴؛ تاج العروس، ج ۲۱، ص ۷۶، «رجع».

3.تاج العروس، ج ۲۱، ص ۷۲، «رجع».

4.وسائل الشيعة، ج ۶، ص ۱۸۶ ـ ۱۹۲، أبواب قراءة القرآن، الباب ۱۱.

5.الكافي، ج ۲، ص ۶۱۴، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن، ح ۲.

صفحه از 348