و روى في كتاب عيون الأخبار بسند صحيح عن الريّان بن الصلت قال:
سألت الرضا عليه السلام بخراسان فقلت: يا سيّدي، إنّ هشام بن إبراهيم العبّاسي حكى عنك أنّك رخّصت له في ]استماع [الغناء. قال: «كذب الزنديق، إنّما سألني عنه فقلت له: إنّ رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن ذلك. فقال أبو جعفر عليه السّلام: إذا ميّز اللّه بين الحقّ و الباطل فأين يكون الغناء؟ فقال: مع الباطل. فقال له أبو جعفر عليه السلام : قد قضيت».۱
و روى الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:
إذا ركب الرجل الدابّة جاءه الشيطان فقال له: «تغنّ». فإن قال: «لا أحسن». قال له: «تمنّ». فلا يزال يتمنّى حتّى ينزل.۲
أقول: هذا ممّا يدلّ على تحقّق الغناء في غير مجلس الشرب، و فيه ردّ على من قيّده به كالغزّالي ۳ و مقلّديه.
في الفقيه، قال:
سأل رجل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن شراء جارية لها صوت، فقال: «ما عليك لو اشتريتها فذكّرتك الجنّة» يعني بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء، فأمّا الغناء فمحظور.۴
أقول: يحتمل أن يكون هذا التفسير من كلام الصدوق و أن يكون من كلام الراوي أو الإمام على بعد، و فيه دلالة على تحقّق الغناء في القرآن و أنّه محظور فيه و في غيره؛ إذ قوله: «التي إلخ» قيد للجميع للجواز في الأشياء المذكورة، و لئن نوزع في تعيّن كونه قيدا للجميع فلا أقلّ من قيام الاحتمال، فيبطل الاستدلال به على خلاف ما تقدّم و يأتي من الأدلّة و الأحاديث؛ على أنّ كون التفسير من المعصوم بعيد جدّا، فلا حجّة فيه. و
1.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲، ص ۶۷۲، ح ۳۲؛ وسائل الشيعة، ج ۱۷، ص ۳۰۶، أبواب ما يكتسب به، الباب ۹۹، ح ۱۴.
2.لم نجد هذا الحديث فى الفقيه ولكن ورد في الكافي، ج ۶، ص ۵۴۰، باب نوادر في الدواب، ح ۱۷ والتهذيب، ج ۶، ص ۱۶۵، باب ارتباط الخيل وآلات الكوب، ح ۱۰. وفيهما: «عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إذا ركب الرجل الدابّة فسمّى، ردفه مَلَكٌ يحفظه حتى ينزل. ومن ركب ولم يسمّ، ردفه شيطان فيقول تغنّ إلخ».
3.راجع إحياء علوم الدين، ج ۲، ص ۲۹۶.
4.الفقيه، ج ۴، ص ۶۰، ح ۵۰۹۷.