بعضها يدلّ على أنّ ترك الغناء و اجتناب سماعه من علامات عباد اللّه الممدوحين بترك الزنى و غيره من المحرّمات المذكورة، حيث تضمّن تفسير الآية بذلك، بل ظاهرها حصر «عباد الرحمن» في أصحاب الأوصاف المذكورة، و هو يدلّ على أنّ فاعل الغناء ليس من حزب اللّه ، بل من حزب الشيطان، فيقتضي التحريم.
و منها: ما تضمّن أنّ سامع الغناء و فاعله مستحقّ للعقوبة و النقمة، و لا تجاب له دعوة، و لا يحضره أحد من الملائكة، بل تضمّن أنّ من دخل ذلك البيت استحقّ الانتقام منه، و أنّه لا تستجاب له دعوة، سواء غنّى أم سمع أم انتفى عنه الأمران، و أنّ الملك لا يدخل ذلك البيت أصلا، لا في وقت الغناء و لا في غيره؛ إذ الكلام مطلق، و في ذلك من التأكيد و المبالغة في النهي و الترهيب ما لا يخفى على العاقل اللبيب.
و منها: ما يدلّ على أنّ الغناء من جملة الكبائر التي توعّد اللّه عليها بالنار في القرآن المجيد الذي «لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» ، ۱ و أنّ من فعله كان ممّن يضلّ عن سبيل اللّه ، و يستهزئ بدين اللّه ، و يستحقّ العذاب المهين. و أيّ مبالغة أعظم من ذلك، و أيّ ترهيب أعظم منه؟ و هل يقدر عاقل يخاف اللّه أن يقول بعد ذلك: «قد أباحه بعض العامّة و أنا أقلّده فيه»؟! و منها: ما تضمّن أنّ الغناء من أسباب حصول النفاق و علامات تمكّنه في القلب، و ناهيك بذلك ردعا للعاقل و تنبيها للغافل. و هل يتصوّر أنّ غير المحرّمات توجب النفاق الذي هو في الحقيقة و نفس الأمر كفر، و إن أظهر صاحبه الإيمان.
و منها: ما تضمّن تفسير الآية الكريمة المتضمّنة للأمر باجتناب «قول الزور» أنّه أمر باجتناب الغناء، فهل يجب اجتناب المباح أم الحرام؟! و هل هذا عامّ أم خاصّ؟! و هل هو مطلق أم مقيّد؟! و هل يجب العمل بقول اللّه و رسوله و أوصيائه أم بقول أعداء اللّه من حزب الشيطان و أوليائه؟! و منها: ما تضمّن تحريم السماع و الضرب بالعود و المبالغة و النهي و الردّ على السائل و أمره بالاغتسال و التوبة، و الحكم بأنّ سماع ذلك
1.اقتباس من الآية ۴۲ من سورة فصلّت (۴۱).